تلقى عدد من أبناء ريف ديرالزور الشرقي والشمالي الخاضع لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، رسائل ورقية ممهورة بختم تنظيم داعش وتوقيع والي “ولاية الخير”، وهو الاسم الذي يطلقه عناصر تنظيم داعش على محافظة ديرالزور، تطالبهم بدفع ما يسمى بـ “الكلفة السلطانية” بأقرب ممكن، مهددةً الممتنعين عن الدفع بعقوبات قاسية.
الرسائل الورقية وصلت إلى عدد من الأطباء والصيادلة العاملين في ريف ديرالزور الشرقي والشمالي، كما وصلت أيضاً إلى تجار الماشية وأصحاب المحلات التجارية الكبيرة، وبعض الأشخاص ميسوري الحال من أبناء المنطقة، إذ طالبت كلَّ واحدٍ منهم بدفع مبلغ مالي معين، تحت مسمى “الكلفة السلطانية” إلى عناصر تنظيم داعش في المنطقة.
وظهر مصطلح “الكلفة السلطانية” لأول مرة في ريف ديرالزور في بداية عام 2020، وذلك عقب انحسار تنظيم داعش عن المنطقة وفقدان سيطرته عليها، لصالح “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من قبل التحالف الدولي، ما دفعه لاستبدال مصطلح “الزكاة” المتعارف عليه عند الأهالي بمصطلح “الكلفة السلطانية”.
مصادر خاصة تحدثت عن تواصل عدد من عناصر تنظيم داعش مع بعض التجار وأصحاب المهن الحرة بغرض مطالبتهم بدفع “الكلفة السلطانية” لهم، مقابل حصولهم على “وصل استلام” ممهور بختم والي “ولاية الخير” وتوقيعه، ومطالبة هؤلاء التجار الاحتفاظ بهذه الإيصالات لعرضها أمام أي شخص يطالبهم بدفع هذه الإتاوة مرة أخرى.
وذكرت المصادر ذاتها، أن مبلغ “الكلفة السلطانية” التي طلبها عناصر تنظيم داعش من المدنيين وصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من مليون ليرة سورية، وذلك بعد حساب قيمة ما يملكه بعض الأشخاص في ريف ديرالزور من أراض زراعية ومواشي ومنازل وغيرها من الممتلكات الشخصية، ما دفع بعض المدنيين لبيع بعض هذه الممتلكات من دفع الإتاوة خوفاً من انتقام التنظيم منهم.
وتختلف طبيعة العقوبات التي يتعرض لها الممتنعين عن الدفع بحسب الأمراء والقادة المسؤولين عن جباية هذه الأموال في قرى وبلدات ريف ديرالزور، إذ تصل في بعض الأحيان للقتل أو الخطف مع التهديد بالقتل أو تفجير الممتلكات الشخصية وغيرها من التهديدات التي وصلت إلى عدد من التجار في ريف ديرالزور.
“أمين الحمد”، وهو اسم مستعار لأحد تجار الماشية في ديرالزور، تحدث عن دفع مبلغ 150 ألف ليرة سورية لأحد عناصر داعش الملثمين، وحصوله بالمقابل على إيصال رسمي مكتوب عليه اسم العنصر الذي استلم المبلغ وقيمة ما استلم، بالإضافة إلى ختم عليه شعار داعش”، على حد قوله.
وقال “الحمد” في حديث خاص مع منصة SY24 : “لا أعلم كيف استطاع عناصر داعش الحصول على هذه المعلومات الخاصة عني وعن ممتلكاتي الشخصية، ولكن الجميع يعلم أن التنظيم ما يزال يستطيع الحصول على ما يريده من معلومات لحجم العلاقات الكبيرة التي يمتلكها عناصره في المنطقة”.
وأضاف “قمت بالدفع لأني أعلم أن قسد لن تستطيع حمايتي إن رفضت، ولأنه لا يجب المزاح مع التنظيم بمثل هذه الأشياء التي يعدها مقدسة بالنسبة إليه، كونها تعد إحدى الطرق الرئيسية لتمويل عملياته العسكرية في المنطقة، وأيضاً طريقة لإثبات وجوده في ريف ديرالزور الذي تسيطر عليه قسد بالاسم فقط”.
وأوضح أن “الجميع يعلم ما قد يفعله داعش مع الممتنعين عن الدفع، فهو يفجر منازلهم ويحرق أراضيهم وعياداتهم وكل ما يمتلكونه، ناهيك عن عمليات الخطف والتهديد بالقتل التي ينفذها عناصره، والتي ذهب ضحيتها عدد من التجار وأصحاب رؤوس الأموال الذين رفضوا الدفع”.
وكان عناصر تنظيم داعش قد توقفوا عن جباية “الكلفة السلطانية” لفترة طويلة واستبدلوها بـ”الزكاة” التي تم فرضها على معظم أبناء المنطقة، قبل أن يتراجع ويلغي مصطلح “الزكاة” بشكل نهائي ويقرر الاعتماد على مصطلح “الكلفة السلطانية”، والتي يعدها شرعيو التنظيم أنها الأمثل لهذه المرحلة.