أجر العامل في الشمال السوري لا يكفي لشراء وجبة طعام واحدة

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

شريحة كبيرة من العمال في الشمال السوري، تواجه ظروفاً معيشية صعبة، في ظل تدني أجورهم ولاسيما عمال المياومة وأصحاب المهن الشاقة، التي لا تتناسب أجورها مع ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء التي تشهدها المنطقة.

تتسع هذه الفجوة بين مستوى الدخل المتدني، وبين أسعار السلع والمواد الأساسية التي تضاعفت أسعارها عن العام الماضي بشكل ملحوظ، بسبب تدني سعر صرف الليرة التركية، إذ بات عدد كبير من هؤلاء العمال يحصلون على نفس الأجرة، رغم الارتفاع الحاصل في جميع الأسعار بدءاً من المواد الغذائية وأسعار الوقود والمواصلات وأجرة المنزل وأسعار الكهرباء والنت، وباقي المقومات الأخرى الضرورية للحياة.

يعمل “حسام” 34 عام، مهجر من ريف إدلب الجنوبي، يقيم في مخيم بمنطقة دير حسان شمالي إدلب، في ورشة بناء لأكثر من ثمان ساعات يومياً، في أحد الورش بمدينة الدانا، إذ يحصل على أجرة 40 ليرة تركية أي ما يعادل دولارين ونصف تقريباً، وهو مبلغ لا يكفيه ثمن ربطتي خبز وكيلو واحد من الخضار.

يقول في حديثه مع SY24، واصفاً عمله الشاق بمثل لخص حاله وحال آلاف الشبان أمثاله “شو جبرك عالمر، غير الأمر”، وتابع قوله: “لاخيار لدي بترك العمل، أو البحث عن عمل آخر، أنا لا أحمل شهادة علمية، وليس لدي رأس مال لفتح مشروع خاص، لتصبح ورش البناء ملاذي الوحيد لتأمين لقمة عيش لأطفالي”.

” حسام” أب لخمسة أطفال، أكبرهم لايتجاوز 12 من عمره، يخبرنا أنه يأخذه معه أحياناً للعمل، في نقل البلوك، لتصبح أجرتهم آخر النهار خمسين ليرة فقط.

يشكي حسام خلال حديثه مع SY24 الحال المتردي الذي يعيشه العمال في محافظة إدلب وباقي مناطق الشمال، واستغلال أصحاب العمل لظروفهم المعيشية الصعبة التي تدفعهم لقبول العمل بأي أجر كان.

يقول لنا: “طالبت أكثر من مرة من المتعهد أن يرفع أجرتنا، أو أن تتم محاسبتنا بالدولار كونه ثابت بدلاً من الليرة التركية المتقلبة، لكنه قال بالحرف الواحد هذا الموجود، عجبك اشتغل ماعجبك في بدل الواحد عشرة”، في إشارة منه إلى زيادة اليد العاملة مقارنة بفرص العمل القليلة الموجودة، لذا يحافظ “حسام” على عمله القليل بدل من أن يخسره ويبقى بلا مردود مادي.

“حسام” واحد من آلاف الشباب في الشمال السوري، الذين يعملون في مهن مختلفة، لا تقل ساعات العمل فيها عن تسع ساعات، ولا تزيد الأجرة فيها عن أربعين ليرة تركية، وهي لا تكفِ ثمن وجبة طعام واحدة دون التفكير بالحاجيات الأخرى كالدواء والملابس ومصاريف المدرسة.

قدر  فريق “منسقو استجابة سورية” في خلال استبيان العام الماضي، بأنّ نسبة العاطلين عن العمل في مناطق شمال غربي سورية بلغت 89 في المائة، ولاسيما في منطقة عانت من الحرب والقصف وتدمير البنى التحتية، وتعتمد على المساعدات الإنسانية، كما أنها تفتقر إلى المشاريع التجارية الكبيرة والمعامل والمصانع التي تستقطب عددا من العمال، وبالتالي ساهمت كل تلك الظروف في تردي الواقع المعيشي للمواطنين.

هذه الظروف دفعت  المعلم “سامر” 25 عام، للبحث عن عمل آخر، بعد عودته من المدرسة، وكان في أحد مطاعم مدينة سرمدا، ليستطيع تأمين أجرة المنزل ومصروف عائلته اليومي، يقول في حديثه إلينا: “أكثر من نصف راتبي يذهب أجرة منزل وفواتير كهرباء ونت، ولايمكن العيش بخمسين دولار، فالغلاء الفاحش في كل شيء، لم يدع لي  خياراً سوى البحث عن عمل آخر ولو على حساب راحتي الجسدية”.

يتقاضى سامر ثلاثين ليرة يومياً من عمله في المطعم كونه يعمل بعد الظهر، مقابل سبع ساعات عمل، ومع هذا فهو متمسك بعمله رغم الاستغلال بسبب حاجته لتأمين مصاريف عائلته والتزاماته المنزلية.

تحتاج الأسرة كمتوسط دخل حسب من التقيناهم من الأهالي من  200_300 دولار شهرياً، لتأمين أبسط مقومات العيش، إذ رصدت منصة SY24 في تقارير سابقة أسعار السلع والمواد الأساسية والغذائية التي تحتاجها العائلة، إذ بلغ سعر كيلو البندورة 20 ليرة، البطاطا 8، والسكر 15، وربطة الخبز 5 ليرات أي أن تكلفة أقل وجبة، تبلغ أكثر من أجرة عامل مياومة، فيما تبقى الحاجات الأخرى خارج حساب العامل.

يقطن في الشمال السوري حوالي أربعة مليون ونصف نسمة، نصفهم يعيشون في مخيمات عشوائية تفتقر إلى أدنى مقومات العيش، ويعاني معظم قاطنيها ظروفاً معيشية صعبة، نتيجة البطالة، وقلة فرص العمل، وتدني مستوى الدخل ترافقت مع موجة غلاء على معظم أسعار المواد الغذائية مع قدوم شهر رمضان ليبقى العامل ضحية لظروف الاقتصادية المتردية، واستغلال أصحاب العمل.

مقالات ذات صلة