عززت الميليشيات الإيرانية من تواجدها في نقاط التماس بين مناطق سيطرة النظام السوري ومناطق سيطرة “قسد” في الريف الشرقي لمحافظة الرقة، وعند المعابر البرية النظامية في مدينة الطبقة وبلدة العكيرشي، وذلك على خلفية التوترات الأمنية الحاصلة بين النظام و”قسد” وتبادل الطرفين الحصار في مناطق سيطرتهما في محافظتي حلب والحسكة.
إذ أمرت قيادة الميليشيات الإيرانية بسحب عدد كبير من عناصرها المتواجدين في النقاط المتقدمة في بادية الرصافة بريف الرقة الغربي، وأيضاً من بعض المواقع العسكرية في محيط جبل البشري وقامت بإرسالها إلى معبر العكيرشي البري في ريف الرقة الشرقي، وأيضاً إلى معبر الطبقة البري ومنطقة السرير النهري المقابل لمناطق سيطرة “قسد” شرق الفرات.
مصادر محلية تحدثت عن وصول قرابة 100 عنصر من ميليشيا الحرس الثوري الإيراني إلى نقاط التماس بين مناطق النظام و”قسد” في ريف الرقة، حيث قاموا بإنشاء عدد من الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش على الطرقات الرئيسية والفرعية الواصلة بين قرى المنطقة، بالإضافة إلى قيامهم برفع سواتر ترابية وإغلاق معظم هذه الطرق أمام حركة عبور المدنيين وشاحنات نقل البضائع والسلع الغذائية والتجارية.
المصادر ذاتها أشارت إلى توقف حركة العبور من المعابر البرية بشكل نهائي أمام حركة شاحنات البضائع والسلع التجارية من جهة مناطق سيطرة النظام، مع السماح بعبور صهاريج النفط القادمة من مناطق “قسد” عبر معبر العكيرشي البري، بينما منعت المدنيين من الدخول إلى مناطق “قسد” بشكل نهائي إلا بعد دفعهم إتاوات مالية ضخمة وصلت إلى 25 ألف ليرة سورية على كل شخص.
التعزيزات العسكرية للميليشيات الإيرانية في ريف الرقة تزامنت مع الحملة العسكرية التي أطلقتها القوات الروسية بالتعاون مع الفرقة 17 في جيش النظام ضد خلايا تنظيم داعش في البادية السورية، والتي كلفت قواتهم عشرات القتلى والجرحى خلال الأيام الماضية، ناهيك عن الخسائر المادية الكبيرة التي منيت بها هذه القوات.
واعتبر أهالي المنطقة دخول الميليشيات الإيرانية إلى بلداتهم وقراهم في ريف الرقة بمثابة احتلال لها، في محاولة لتكرار ما تفعله الميليشيات بريف ديرالزور من نشر لمشروعها الطائفي في المنطقة، مستغلةً الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها أبناء دير الزور، متهمين النظام في الوقت ذاته بتسهيل هذا الأمر، مقابل قيام الميليشيات بالضغط على “الإدارة الذاتية” في ريف الرقة مقابل تنازلات تقدمها له في محافظتي الحسكة وحلب.
“أبو محمد”، نازح من مدينة ديرالزور ومقيم في ريف الرقة، تحدث عن “تحذيرات أطلقها عناصر الميليشيات الإيرانية للمدنيين بعدم العبور إلى مناطق قسد بطرق غير نظامية، كونها قامت بزرع عدد كبير من الألغام المضادة للأفراد في المنطقة”، على حد قوله.
وقال في حديثه لمنصة SY24: إن “هذه هي المرة الأولى التي تصل بها الميليشيات الإيرانية إلى قرانا بهذه الطريقة، في ظل الاتفاق الذي أبرمه عدد من شيوخ العشائر الموالين للنظام والذي قضى بـ تطويع أبنائهم في صفوف ميليشيا الدفاع الوطني، مقابل عدم السماح لهذه الميليشيات الدخول إلى ريف الرقة، ولكن النظام غدر بنا وسلمهم المنطقة على طبق من ذهب”.
وأضاف أن “حال وصول هذه الميليشيات إلى المنطقة قاموا بفرض إتاوات على المدنيين أكبر من التي تتقاضاها حواجز النظام في المنطقة، كما منعوا إدخال السلع والمواد الغذائية إلى مناطق قسد بشكل نهائي، بينما فُتحت المعابر أمام حركة صهاريج النفط القادمة من الحسكة إلى مناطق النظام عبر شركة القاطرجي الموالية لطهران”.
ويشار إلى تقاسم كل من النظام السوري و”قسد” والمعارضة السورية السيطرة على محافظة الرقة شرقي سورية، وذلك عقب انسحاب تنظيم داعش منها أواخر عام 2017، ما أثقل كاهل المدنيين الذين لا يستطيعون الحركة بشكل طبيعي بين مناطق سيطرة هذه القوى، بسبب الحواجز العسكرية والرسوم الجمركية المفروضة عليهم وخصوصاً بين مناطق النظام و”قسد”.
في الوقت الذي استغلت فيه الميليشيات الإيرانية حاجة النظام السوري للمزيد من العناصر لتعزيز مواقعها العسكرية على نقاط التماس مع مناطق “قسد” وتكثيف الضغط عليها، بغرض تنازلها عن بعض الشروط لفك الحصار عن قواته في مدينتي الحسكة والقامشلي شرق سورية، مع تقلص مساحة سيطرته الحالية لتشمل عدد من المباني الحكومية وسط مدينة الحسكة، والأفرع الأمنية وبعض المؤسسات الحكومية في مدينة القامشلي، بالاضافة إلى مطارها المدني و فوجي طرطب وكوكب العسكريين.