لا تكتمل فرحة العيد وطقوسه عند الطفل “عدنان 10″ سنوات، وكثير من الأطفال إلا بحصولهم على عيدية مالية أول أيام العيد، من والديهم وأقاربهم كـ الأعمام والأخوال، يقول لنا ببراءة :” كل عام وأنت بخير بدون عيدية، ناقصة، وهي أحلى شي بالعيد مشان اشتري ألعاب”.
يختصر الطفل “عدنان” أحلاماً طفولية بسيطة لا تتعدى بضع ليرات لترتسم الفرحة على وجهه كباقي الأطفال، بعد شراء قطع الألعاب والحلوى من النقود التي جمعها من خلال “العيديات”.
تعد “العيدية” طقساً مفرحاً للأطفال، يلازم أيام الأعياد، وهو كما يعرف عند السوريين، توزيع مبالغ مالية معينة على الأطفال صبيحة العيد تزيد من فرحتهم، وتختلف بين العوائل حسب القدرة المادية للأسرة، كما يحصل الطفل عليها أيضاً من بعض أقاربه وأصدقاء الأسرة والجيران في بعض الأحيان.
تقول والدة “عدنان” 35 عام، مقيمة في مدينة إدلب خلال حديثها إلينا، “رغم الظروف المعيشية الصعبة التي اختبرها السوريون خلال السنوات الماضية، إلا أنّ العيدية لم تختفِ من عادات كثير من الأهالي، بل حافظت على وجودها، مع تغير في قيمتها وشكلها أحياناً”.
تتذكر “أم عدنان” كيف كانت تسرع إلى والدها صبيحة العيد، لتلقي عليه أحر عبارات المعايدة المعروفة، وتقبل يده، كيف تحصل مع باقي أشقائها على عيديتهم.
تقول لنا :”كانت أيام بركة، والعملة لها قيمتها، والأشياء رخيصة، كنت أجمع عيدياتي واشتري فيهم بعد العيد، وأذكر أني حصلت أحد الأعياد على 50 ليرة سورية، وكانت مبلغاً ذا قيمة عالية حينها، أما اليوم فأعطي أولادي العيدية بالليرة التركية، حسب أعمارهم بدأ من عشر ليرات وحتى 30 ليرة فقط، حسب قدرتي المادية ومع ذلك فهي لا ترضيهم ويطالبوني بمبلغ أعلى”.
تتراوح قيمة العيديات في الشمال السوري حسب رأي من التقيناهم بين 5 _ 50 ليرة تركية، أي ما يعادل 3.5 دولار حسب قدرة العائلة المادية.
كما اتخذت العيدية مفهوماً جديداً عند عدد من السوريين المغتربين، الذين يرسلون حوالات مالية إلى ذويهم وأقاربهم في الداخل السوري قبيل العيد ، كنوع من العيدية للعائلة، مع التأكيد على شراء ملابس العيد للأطفال أو بعض الهدايا والالعاب كعيدية خاصة بهم.
وهذا ما أكده لنا الشاب “وليد” مقيم من ألمانيا، إذ أخبرنا أنه أرسل لأطفال أخيه في ريف دمشق مبلغاً خاصاً بهم، لشراء كل ما ينقصهم من ملابس وألعاب وحلويات حتى لا يشعروا بغصة الحاجة، مع غلاء الأسعار وعدم قدرة الأهل على تأمين أبسط متطلباتهم في هذه الأيام.
أما في دمشق تخبرنا “نورة” 30 عام وهي أم لطفلين، أن العيدية اختلفت كثيراً عن السابق بسبب تغير قيمة الليرة السورية، فاليوم عيدية بألف ليرة لاترضي الطفل ولا تشتري له قطعة حلوى صغيرة، و أبسط عيدية لاتقل عن ألفي ليرة وتتراوح بين 5000_ 10000 ليرة سورية عند الأسر وذلك تبعاً لوضعهم المعيشي وقدرتهم المادية.
تقول ضاحكة، إن طفليها بعمر 8 و9 سنوات يحتالون عليها بكلمات الحب والقبلات حتى يحصلوا على عيدية وصفتها بـ “المحرزة”، كما أنهم لايرضون بعدية مشتركة منها ومن والدهم، بل كل له نصيب في دفع العيدية.
يحصي الطفل “عدنان” في حقيبته الصغيرة، مع نهاية يوم العيد الأول حوالي 200 ليرة تركية، جمعها من والديه وأقاربه، ويفرح بهذا المبلغ الجيد الذي سيشتري به بندقية للعب كما أخبرنا.
بينما حرمت الظروف المعيشية المتردية التي يعيشها كثير من السوريين، عدداً من الأطفال ولاسيما الأيتام والنازحين من فرحة العيد، ومن بهجة الحصول على عيدية كباقي الأطفال في الشمال السوري، إذ تعد العيدية بهذه الحال رفاهية استغنى عنها كثير منهم، وبقيت في عالقة في أذهان الأمهات وقصصهن القديمة.