روى أحد المعتقلين المفرج عنهم من سجن “صيدنايا” بموجب ما يسمى “مرسوم العفو”، شهادات صادمة عن فترة اعتقاله “القاسية” التي أمضاها لمدة 3 سنوات داخل السجن.
وكشف المعتقل الذي ينحدر من الغوطة الشرقية بريف دمشق (فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية)، عن إعدامات ميدانية داخل السجن نفذتها قوات النظام بحق عدد من المعتقلين في سجن “صيدنايا”، لافتاً إلى أن عمليات الإعدام تمت أمام عينيه.
وقال السجين في شهادته لمنصة SY24، إن “قوات النظام أعدمت قرابة 30 شاباً منذ مطلع العام الحالي وحتى اليوم أمام عيني، وهم من أبناء ريف دمشق وريف إدلب وريف حمص”، مشيراً إلى أن “جميعهم كانوا سابقا ضمن صفوف الثوار وقاموا بإجراء تسويات أمنية ومع ذلك اعتقلتهم قوات النظام”.
وأشار إلى أنه “بقي في سجن صيدنايا أكثر من 3 سنوات بعد أن اعتقلته قوات النظام أثناء مروره بالقرب من أحد الحواجز العسكرية بالعاصمة دمشق”.
وتابع السجين في شهادته حول ظروف اعتقاله والانتهاكات الممارسة على المعتقلين هناك قائلاً “تم وضعي مع خمسة شبان بمنفردة مساحتها (متر بمتر) وتم منع الماء والطعام والضوء عنّا لمدة أسبوع متواصل، كما أنهم لم يدخلوا لنا إلا كأس ماء واحد في اليوم”.
وأشار إلى أن أحد الشبان الذين كانوا معه ضمن المنفرد توفي نتيجة الجوع والعطش وبعد أن تعرض لتعذيب وحشي، حيث خرج الدم من جسده ولم يتم معالجة جروحه فلم يتحمل جسمه الجوع والتعذيب فتوفي داخل المنفردة، وبقي جثته مع الشبان لمدة يومين متواصلين، إلى أن قامت قوات النظام بعدها بنقله لمكان مجهول.
وذكر مصدرنا أنه تعرض لكل أنواع التعذيب من” الصعق بالكهرباء والدولاب وكافة أنواع الجلد بكل وحشية”.
وتحدث عن الانتهاكات التي تمارس على المعتقل الذي يدخل غرفة التحقيق، وقال “تم إدخالي وأنا معصوب العينين إلى إحدى غرف التحقيق عدة مرات، وكان السجان بين دقيقة وأخرى يقوم بضربي على رأسي أثناء التحقيق حتى أنه في إحدى المرات فقدت الوعي نهائياً”.
وفي إحدى جلسات التحقيق، تحدث مصدرنا للمحقق عن عملية التسوية التي قاموا بها بعد سيطرة النظام على المنطقة فرد المحقق بشتمهم وشتم التسوية ومن قام بها ومن عمل بها.، حسب ما روى لنا.
وروى مصدرنا أيضاً أن السجانين كانوا يقومون وبشكل أسبوعي “بتعرية المعتقلين من ملابسهم بشكل كامل وتعذيبهم بشكل جماعي”.
ولفت إلى أن السجانين كانوا يتعمدون ضرب المعتقلين على “الأماكن الحساسة جدا في جسدهم، ناهيك عن الإساءة الكلامية لهم بشكل متواصل أثناء فترات التعذيب”.
يشار إلى أن السجين المذكور فقد النظر بإحدى عينيه نتيجة الضرب المبرح عليها بشكل متواصل، وقد تم الإفراج عنه وتركه بدون أي شيء يؤكد شخصيته أو هويته المدنية.
وارتفعت حصيلة المعتقلين المفرج عنهم من سجن صيدنايا إلى 136 معتقلاً، وذلك حسب بيان صادر عن “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”.
وذكرت الرابطة في بيان اطلعت منصة SY24 على نسخة منه، أنه تم “توثيق الإفراج عن 136 معتقلاً من سجن صيدنايا وحده منذ صدور مرسوم (العفو) في 30 نيسان 2022″، مؤكدة أن القائمة غير نهائية والعدد قابل للزيادة في الأيام القادمة.
وتحدثت مصادر خاصة لمنصة SY24، أن بعض المعتقلين الذين خرجوا من “سجن صيدنايا” كانوا “فاقدين لذاكرتهم”، وكان من الملاحظ أن فترات اعتقال غالبية من خرج من سجون النظام تراوحت من السنتين وحنى 10 سنوات.
وذكر معتقل سابق لدى سجون الأسد ويدعى “محمود الحموي” لمنصة SY24، أن “فقدان الذاكرة سببها حالات التعذيب النفسي وهناك حالات كثيرة فقدت ذاكرتها (هسترت وطق مخها)”.
وقبل أيام، أصدر رأس النظام المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022، الذي يقضي “بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30 نيسان 2022، عدا التي أفضت إلى موت إنسان، والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012، وقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1949 وتعديلاته”.
وفي 16 أيار الجاري، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها، إن “النظام السوري أفرج عن 476 شخصا وفق مرسوم العفو 7/2022 وما زال لديه قرابة 132 ألف معتقل على خلفية الحراك الشعبي منذ آذار 2011”.
وأشارت إلى أن “مرسوم العفو رقم 7 لعام 2022، هو المرسوم التاسع عشر منذ آذار 2011، وما زال لدى النظام السوري 87 ألف مختفٍ قسرياً، كما أنه لم يتوقف عن عمليات الاعتقال التعسفي”.
وعن الجهود المبذولة من أجل الضغط لمحاكمة النظام السوري على جرائمه وانتهاكاته بحق المعتقلين في سجونه أيضا، أوضح “فضل عبد الغني” رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تصريح لمنصة SY24، إنه “إذا كان هناك محكمة بإمكان المنظمات تقديم ملفات جاهزة لمحاكمة النظام، ولكن لا يوجد محاكم مختصة باستثناء المحاكم الأوروبية والتي يعتبر سقفها محدود، ولكنّ ما باستطاعتنا فعله هو أن نجعل ملف المحاسبة حاضراً وأن نُذكر دائماً بجرائم وانتهاكات النظام والاستمرار بالتوثيق وإصدار التقارير بغض النظر استجاب المجتمع الدولي أم لا”.
ومطلع نيسان الماضي، سلّطت مسؤولة أممية الضوء على مأساة المفقودين بسبب ممارسات وانتهاكات النظام السوري، داعية المجتمع الدولي إلى الاستجابة إلى حجم ورعب الانتهاكات والجرائم المرتكبة في سوريا.
وأواخر نيسان الماضي، نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، مقطع فيديو وصفته بأنه “الأفظع” منذ بدء الأحداث الدائرة في سوريا عام 2011.
وفي التفاصيل التي تابعتها منصة SY24، يوثق مقطع الفيديو عمليات إعدام جماعية في حي “التضامن” جنوبي العاصمة دمشق على يد أحد عناصر النظام السوري، إضافة إلى توثيق قيام عناصر للنظام بتكويم الجثث فوق بعضها وحرقها.