كيف يجبر الشباب على الانتساب للميليشيات في ديرالزور؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

عمدت أجهزة النظام الأمنية مصحوبةً بعناصر من المليشيات الإيرانية على نصب عدةِ حواجزَ عسكرية على مداخل مدن وبلدات ريف ديرالزور الشرقي والغربي، بالإضافة إلى تسييرها عدداً من الدوريات الراجلة داخل أحياء المدن الرئيسية وأسواقها بغرض البحث عن الشباب المتخلفين عن أداء الخدمة الإلزامية.

عمليات البحث عن المتخلفين عن أداء الخدمة الإلزامية تركزت في مدن الميادين والبوكمال والعشارة في ريف ديرالزور الشرقي، والتي تعد إحدى أكبر معاقل الميلشيات الإيرانية في المنطقة، وذلك عن طريق نصب حواجز تفتيش طيارة في معظم الشوارع الرئيسية فيها، وطلب هويات الشباب وتفتيشها واعتقال المطلوبين منهم بشكل فوري ونقلهم إلى مقرات الشرطة العسكرية، استعداداً لتحويلهم إلى مدينة حمص والحاقهم بقطعهم العسكرية.

وأشارت مصادر محلية إلى أن الغرض من تواجد عناصر من المليشيات الإيرانية برفقة دوريات النظام هو تخيير المطلوبين من لشباب بين الالتحاق بالخدمة الإلزامية أو التطوع لصالح هذه الميلشيات، مقابل راتب شهري وميزات إضافية أخرى تتعلق بالحصص الغذائية، وإمكانية الخدمة بنفس المدينة التي ينحدرون منها، ناهيك عن السلطة والنفوذ التي سيحصل عليها المنتسب في حال موافقته للانضمام لصفوف الميليشيا.

المصادر ذاتها تحدثت عن تواجد مندوبين عن كل من ميليشيا “الحرس الثوري الإيراني، و فاطميون الأفغانية، زينبيون الباكستانية، وميليشيا أبو الفضل العباس العراقية”، يعملون على مرافقة دوريات الشرطة العسكرية وفرع الأمن العسكري في دورياتهم بشوارع مدن ديرالزور وبقية المدن والبلدات المحيطة بها، بغرض تقاسم الشباب بين هذه الميلشيات وعدم احتكار أي واحدة من هذه الميلشيات لعمليات التجنيد، مع إعطاء الأولوية لميليشيا الحرس الثوري الإيراني.

 

في الوقت الذي أوضحت فيه بعض المصادر الخاصة رفض عناصر هذه الدوريات تحصيل أي إتاوات مالية او رشاوي من الشباب المقبوض عليهم، وذلك من أجل إجبارهم على الاختيار الفوري بين الالتحاق بالخدمة الإلزامية أو التطوع لصالح الميليشيات الإيرانية.

حيث تأتي هذه الخطوة بعد عزوف معظم شباب المنطقة عن الالتحاق بالميليشيات الإيرانية لعدة أسباب، أهمها إجبار هذه الميليشيات جميع المنتسبين إليها على تغيير عقيدتهم واعتناق المذهب الشيعي القائم على التفرقة الطائفية، بالإضافة إلى إجبار عدد من الشباب على تغيير أسمائهم من “عمر وعثمان ومعاوية” إلى “علي وحسين والعباس”، لتتوافق مع معتقدات الشيعة الدينية.

 

في الوقت الذي امتنع فيه شباب المنطقة على التطوع لصالح الميليشيات الإيرانية بعد تعرض مواقعها العسكرية ومقراتها الأمنية لضربات جوية من قبل الطيران الأمريكي والإسرائيلي مخلفةً قتلى وجرحى في صفوف هذه الميلشيات، ناهيك عن المعاملة السيئة والتفرقة بين العناصر الإيرانيين والعراقيين وبين المنتسبين المحليين، وأيضاً بسبب انخفاض قيمة الرواتب مقارنةً بالميليشيات الروسية وتأخير المستحقات المالية لهم .

 

“عدي المحمد”، من أبناء حي المطار القديم في مدينة ديرالزور و منتسب سابق لميليشيا الحرس الثوري الإيراني، ذكر أنه “بقي مع الميلشيا قرابة عام كامل تعرض فيها لعدد كبير من المواقف التي دفعته لتركها وتسليم نفسه للشرطة العسكرية، التي اقتادته للخدمة في المدينة التي يقطن بها مع عائلته الآن”، على حد قوله.

 

وفي حديث خاص لمنصة  SY24 قال: “تطوعت في ميليشيا الحرس الثوري الإيراني في عام 2016 خوفاً من التجنيد الإلزامي، وبالذات أن تلك السنة كانت تشهد معارك عنيفة بين النظام والمعارضة السورية وأيضاً بين النظام وداعش، ما دفعني للانضمام للميليشيا التي كانت تمثل طوق النجاة بالنسبة لي”.

وتابع: “غير أن التطوع لصالحها كان أصعب بكثير من الذهاب للمعارك، حيث تجد داخل الميليشيات تجاوزات كبيرة طائفية تجاه العرب وأهل السنة بشكل عام، وأيضاً إجبارهم بعض الشباب على تغيير أسمائهم للتوافق مع عقيدتهم وإجبار الجميع على الصلاة بنفس الطريقة التي يصلون بها، ناهيك عن المعاملة السيئة التي نتلقاها، ما دفعني إلى ترك الميليشيات وتسليم نفسي للشرطة العسكرية”.

وأضاف أن “معظم الشباب اليوم لديهم حق الاختيار بين الانضمام لصفوف جيش النظام والميليشيات الإيرانية و الروسية أو الهرب إلى خارج مناطق سيطرتهم، وربما هذا هو الحل الأمثل لمعظم الشباب للهرب من الموت والذل الذي سيعانون منه مع هؤلاء، ولو استطعت لفعلت ذلك، ولكن الحصار الذي كان على المدينة أجبرني على الاختيار بين السيئ والأسوأ”.

والجدير بالذكر أن شعبية الميليشيات الإيرانية في مناطق سيطرة النظام بديرالزور تراجعت خلال السنوات الماضية، وبالذات بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني “قاسم سليماني” بغارة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي بالعراق، ليتضح لجميع عناصر ومنتسبي هذه الميلشيات المحليين أنهم غير بعيدين عن الضربات الأمريكية والإسرائيلية، ما دفع عدد كبير منهم لترك العمل مع الإيرانيين والانضمام إلى المليشيات الروسية، أو الهروب إلى مناطق سيطرة “قسد” على الضفة المقابلة لنهر الفرات.

مقالات ذات صلة