شهدت مدن وبلدات شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” أحوالاً جوية سيئة و عواصف غبارية قوية، تسببت بوقوع عدة وفيات بين المدنيين، وخسائر كبيرة في الممتلكات الشخصية، ونفوق عدد من الحيوانات والماشية، ناهيك عن الأضرار التي أصابت المحاصيل الزراعية لتضاف إلى مجمل الخسائر التي تعرض لها فلاحو المنطقة خلال الموسم الحالي.
حيث تسبب الغبار الكثيف الذي رافق العواصف الرعدية والرياح القوية التي ضربت قرى وبلدات ريف ديرالزور، بعدة حالات اختناق لدى المدنيين وخصوصاً المصابين بأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والتهاب القصبات الهوائية، ما نتج عنه وفاة عدد منهم وبقاء المرضى الآخرين تحت المراقبة الصحية لفترات طويلة، في ظل نقص حاد بالمعدات والأجهزة الطبية تعاني منها المراكز والمستشفيات العامة في المنطقة.
في الوقت الذي اضطر فيه عدد من المواطنين ممن لديهم مرض في الجهاز التنفسي شراء أسطوانات أوكسجين وتخزينها في منازلهم تحسباً لقدوم أي عواصف غبارية جديدة إلى المنطقة، على الرغم من ارتفاع سعر أسطوانة الأوكسجين الواحدة مع تزايد الطلب عليها في الآونة الأخيرة، وعدم وجود سوى معمل واحد يغطي ريف ديرالزور الشرقي متواجد في بلدة “الكشكية”.
المستشفيات والمراكز الصحية التي تديرها “لجنة الصحة” التابعة لـ”مجلس ديرالزور المدني” استنفرت جميع كوادرها في المنطقة، وقامت بتجهيز عدة فرق لإسعاف ونقل المصابين وحالات الاختناق إلى مشفى “هجين” الذي تم افتتاحه مؤخراً في البلدة، بالإضافة إلى استنفار الطواقم الطبية في بقية المشافي والمراكز الصحية في مدن الشحيل والبصيرة والقرى التابعة لها، في محاولة منهم مساعدة أكبر عدد ممكن من المرضى وتقديم الإسعافات الضرورية للحالات الخطرة.
غير أن هذه المراكز لم تستطع استيعاب جميع حالات الاختناق التي قدمت إليها بسبب نقص الأجهزة والمعدات الضرورية إسعافهم، وعدم كفاية الكوادر الطبية العاملة فيها وعدم تجهيزها بالأجهزة الضرورية لإسعاف حالات الاختناق الخطرة، ناهيك عن عدم كفاية عربات الإسعاف ونقل المرضى المتواجدة في الريف الشرقي لديرالزور والتي يصل مجمل عددها إلى 5 سيارات إسعاف غير قادرة على تغطية كافة قرى وبلدات المنطقة، ما اضطر عدد من المدنيين الى التوجه إلى المشافي والعيادات الخاصة المرتفعة التكاليف.
“سليمان الحسين”، مدني من أبناء بلدة بريهة بريف ديرالزور الشرقي، ذكر أنه “اضطر لإسعاف والدته بسيارة أحد جيرانه لعدم وجود طريقة للاتصال بمنظومة الإسعاف الأقرب إليه والمتواجدة في مدينة الشحيل، الأمر الذي زاد من خطورة الحالة الصحية لوالدته قبل وصولها إلى المركز الصحي وتقديم المساعدة الضرورية لها”، على حد قوله.
وفي حديثه لمنصة SY24 قال: “لا يوجد أي تغطية للهاتف المحمول أثناء العاصفة الغبارية ولا يوجد أي طريقة أخرى للاتصال بالإسعاف، ما اضطرني للذهاب الى المشفى بنفسي لأجد ازدحام كبير أمام عبوات الاوكسجين القليلة المتواجدة في المشفى، نتيجة ارتفاع عدد حالات الاختناق بين الأهالي وعدم قدرة المستشفى على تغطية جميع هذه الحالات”.
وأوضح أن “الكادر الطبي في المشفى أكد لنا تقديمهم عدد من الطلبات إلى هيئة الصحة في الإدارة الذاتية من أجل الحصول على دعم مادي ولوجستي للمراكز الصحية في المنطقة، غير أن طلباتهم قوبلت بالرفض بحجة عدم وجود أي أموال لدى الإدارة لتغطية هذه النفقات، على حد زعمها”.
مصادر طبية في ريف ديرالزور، أكدت أن معظم المراكز الصحية التابعة لـ”هيئة الصحة” في “الإدارة الذاتية” بحاجة إلى مساعدات طبية عاجلة من أجل الاستمرار في عملها، وتأمين الدعم الطبي والمعنوي للمرضى في قرى وبلدات ريف ديرالزور الشرقي، وخصوصاً ان المنطقة تعد من أكثر المناطق ازدحاماً بالسكان شرقي سوريا مع تواجد كم هائل من النازحين المقيمين فيها.
وذكرت المصادر ذاتها، أن مجمل النقص يتمثل بالأجهزة والمعدات اللازمة لتقديم الاسعافات الأولية مثل اسطوانات الاوكسجين، وأجهزة التنفس الصناعي، وأدوات قياس الضغط، والمختبرات الطبية وأيضاً أجهزة تخطيط القلب وغيرها، ناهيك عن حاجة هذه المراكز لتوظيف المزيد من الكوادر الطبية وزيادة رواتبهم، لضمان عدم توجههم للعمل في المراكز الخاصة أو خروجهم للعمل في مناطق سيطرة المعارضة السورية.