شهدت مشفى “الأسد” الحكومية في مدينة ديرالزور الخاضعة لسيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية والمحلية الموالية له، وفاة طفلٍ لم يتجاوز عمره الشهرين نتيجة انعدام أجهزة التنفس الصناعي الخاصة بالأطفال الرضع، وعدم وجود أي طبيب أخصائي في المشفى عموماً، بالإضافة للإهمال وسوء المعاملة التي تعرض لها أهل الطفل منذ لحظة إدخاله المشفى وحتى إعلان وفاته.
حيث ارتفعت نسبة وفيات المرضى الذين يراجعون قسم الطوارئ في مشفى “الأسد” الحكومي بمدينة ديرالزور بشكل كبير وواضح، وذلك نتيجة الفساد المستشري في أروقة المشفى وعدم تواجد الكادر الطبي المختص، وبالذات أخصائيو القلبية والأطفال والجراحة العامة، ما تسبب بارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن الذبحات الصدرية وأمراض القلب وحوادث السير.
في الوقت الذي توقفت فيه معظم الأجهزة الطبية عن العمل داخل المشفى الحكومي الوحيد في المدينة، نتيجة عدم قيام إدارة المشفى بصيانة هذه الأجهزة باستمرار وتبديل التالف منها بشكل فوري، وأيضاً بسبب عدم تأهيل الكادر الطبي القادر على العمل على هذه الأجهزة، ما تسبب بتوقفها عن العمل لفترات زمنية طويلة واضطرار المواطنين لمراجعة المراكز الخاصة باهظة التكاليف.
مصادر خاصة تحدثت عن قيام عدد كبير من الأطباء الأخصائيين المتعاقدين مع مشفى “الأسد” الحكومي بتقديم رشاوى إلى مسؤولي المشفى من أجل تغطية دوامهم، وعدم التدقيق على غيابهم المتكرر نتيجة التزامهم بالعمل ضمن عياداتهم الخاصة، وأيضاً مع المنظمات الدولية العاملة في المدينة والتي يتقاضون أجورهم فيها بالدولار الأمريكي.
المصادر ذاتها أكدت لمنصة SY24 عدم تواجد أي طبيب أخصائي داخل المشفى منذ الساعة السابعة مساء وحتى التاسعة صباحاً، نتيجة تعاقد معظم هؤلاء الأطباء مع المراكز والمستشفيات الخاصة، فضلاً عن سوء المعاملة التي يتعرض لها المراجعون من قبل الممرضين العاملين فيه، وأيضاً غياب الرقابة وسوء الخدمات وتلوث المرافق الصحية وانتشار الروائح الكريهة داخل أروقة المشفى، وعدم تبديل أغطية الأسرة وغيرها من الخدمات السيئة التي يعاني منها المريض داخل المشفى.
“مها الأحمد”، 48 سنة، معلمة مدرسة من مدينة ديرالزور، ذكرت أن تجربة بقائها ليلة كاملة في مشفى الأسد الحكومي كانت من “أقسى التجارب التي خاضتها في حياتها وأكثرها رعباً طوال سنوات الحرب التي شهدتها المدينة، بسبب ما شاهدته وعايشته خلال فترة بقائها في المشفى”، على حد تعبيرها.
وقالت السيدة في حديثها مع منصة SY24: “ذهبت إلى مشفى الأسد في ساعة متأخرة من الليل بحالة إسعاف نتيجة إصابتي بهبوط حاد بالضغط، وعند وصولنا لم نجد سوى عنصرين من الأمن يقفان عند باب الطوارئ مع غياب الممرضين الذين كانوا يجلسون داخل إحدى الغرف ويلعبون الشدة”.
وتابعت “بعد طول عناء جاء أحدهم ليقيس الضغط لي وبعد محاولات عديدة فشل في ذلك، ما اضطره للاستعانة بأحد زملائه لكي يكمل عملية قياس الضغط والتي هي من بديهيات مهنة التمريض، ما جعلنا نشك إن كان فعلا قد أتم دراسة التمريض أم تم تعيينه بالواسطة”.
وأضافت أنه “أثناء تواجدي شاهدت مرضى يصرخون من الألم ولكن لا أحد يستجيب لهم، وشاهدت رجل سبعيني مصاب بذبحة صدرية يموت على سريره لعدم وجود أخصائي قلبية داخل المشفى، وعدم معرفة الممرضين طريقة وضعه داخل العناية المشددة التي هي أصلاً مغلقة بالمفتاح من قبل مدير المشفى، عدا تلوث المشفى والروائح الكريهة التي تنبعث من أروقته لعدم وجود أي عمال نظافة فيها”.
ويعاني القطاع الطبي داخل مدينة ديرالزور من تدني كبير في مستوى الخدمات المقدمة للمرضى، مع انعدام الأجهزة الطبية الحديثة والكادر الطبي القادر على التعامل مع الحالات الطارئة، ناهيك عن الفساد الكبير المستشري داخل أروقة المشفى الحكومي الوحيد في المدينة.
في الوقت الذي يزدهر فيه عمل المراكز والعيادات الخاصة التي تتقاضى من المرضى مبالغ ضخمة مقابل المعاينات الطبية التي يجرونها لهم، ناهيك عن تعامل هذه العيادات مع مراكز التصوير الشعاعي الخاصة بالمدينة، والتي يضطر فيها المواطنون إلى دفع أكثر من 100 ألف ليرة سورية مقابل صورة رنين مغناطيسي، في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها معظم أهالي المدينة.
يشار إلى أن المشافي والمراكز الإيرانية المتواجدة في المدينة ترفض استقبال أي حالة إسعافية قادمة إليها ما لم تكن هذه الحالة تعود لعائلة أحد عناصر ميليشياتها العاملة في المدينة، في محاولة منها الضغط على الأهالي من أجل السماح لأبنائهم بالانتساب لصفوفها، أو الدفع بأطفالهم للالتحاق بالمراكز الثقافية والدورات التدريبية والدينية التي تقيمها هذه الميليشيات في المدينة بغرض زرع الفكر الشيعي داخلهم.