تفاقمت ظاهرة الانتحار خلال السنوات الماضية بشكل واضح في سوريا، سواء في مناطق سيطرة النظام أو الشمال السوري، نتيجة عدة أسباب أفرزتها الحرب المستمرة منذ عام 2011، إذ سجل صباح أمس الأحد ثلاث حالات انتحار حدثت بمناطق مختلفة من شمال غرب سوريا.
إذ تداولت مواقع التواصل الاجتماعي، خبر انتحار امرأة عمرها 22 عام في منطقة دركوش، إثر تناولها حبة “غاز الفوسفين” السامة التي أدت إلى وفاتها على الفور، نتيجة تفاعل غاز الفوسفين السام في الجسم بسرعة كبيرة، فيما رجحت مصادر محلية أن سبب الانتحار مشاكل عائلية جعلت الضحية بحالة نفسية سيئة أدت بها إلى قتل نفسها.
كما وقعت في اليوم نفسه، حادثتي انتحار إحداهما لشاب رمى نفسه من الطابق الثاني في أحد المباني بمدينة إعزاز، والأخرى لرجل خمسيني يقيم في “بلدة أبين” بريف حلب الغربي، قتل نفسه بطلق ناري.
وفي سياق متصل، ذكر فريق منسقو استجابة سوريا، أن “حالات انتحار جديدة حدثت في محافظة إدلب وريفها ومناطق ريف حلب الشمالي في الفترة الأخيرة، ليرتفع عدد الحالات التي تم تسجيلها منذ مطلع العام الحالي إلى 33 حالة، منها 26 حالة مؤدية للوفاة بينهم تسعة أطفال وعشرة نساء، إضافة إلى سبع محاولات انتحار فاشلة بينهم أربع نساء”.
وكانت منصة SY24، قد رصدت في تقارير سابقة عدة حالات انتحار بوسائل مختلفة، أشهرها تناول حبة غاز الفوسفين القاتلة، أو من خلال الطلقات النارية، أو السقوط من مبنى أو مكان مرتفع.
وأضاف البيان أن “حوالي 75% من حالات الانتحار حدثت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، حيث معدلات الفقر مرتفعة، وتشير الأدلة إلى وجود علاقة بين المتغيرات الاقتصادية والسلوك الانتحاري، كل هذا يمكن تفهمه بسبب حجم المشاكل التي يعاني منها الفقراء والآلام الناجمة عنها”.
وأكد البيان أن “أغلب الاسباب التي دعت إلى تزايد هذه الأرقام هي الآثار الاقتصادية والنفسية والاجتماعية والبطالة والفقر وازدياد حالات العنف الأسري والاستخدام السيئ للتكنولوجيا، وانتشار المخدرات والتفكك الأسري بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة”.
وطالب البيان من الجهات المعنية في المنطقة معالجة هذه الظاهرة في كافة جوانبها وإنشاء مراكز للتأهيل النفسي وتشكيل فرق خاصة لمكافحة ظاهرة الانتحار وإطلاق حملات إعلامية لتكريس الضوء على مخاطر هذه الظاهرة وكيفية الحد منها.
وقالت عاملة الدعم النفسي الاجتماعي “سوسن الطويل” في حديث سابق لمنصة SY24 : إن”الضغوط النفسية التي تواجه عدداً من الأشخاص، هي السبب الرئيسي لكثرة حالات الانتحار، بعد وصولهم لمرحلة اليأس والاكتئاب وأقصى حالات الضعف النفسي، تجعلهم يفكرون بأي طريقة لإنهاء تلك المعاناة، ولاسيما عن طريق الانتحار وبهذه الحالة يجب على ذوي الشخص الذهاب إلى طبيب نفسي مختص لمعالجة المرض والعدول عن فكرة الانتحار”.
إذ يعيش في الشمال السوري حوالي 4 مليون و200 ألف نسمة، في ظروف معيشية واقتصادية متردية في ظل موجة الغلاء وارتفاع الأسعار التي شملت كافة مناحي الحياة مع شح فرص العمل والمشاريع الإنتاجية في المناطق.