تشهد مدينة البوكمال السورية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية، انقطاعاً مستمراً للمياه لليوم الخامس على التوالي، مع رفض بلدية المدينة التابعة لحكومة النظام إصلاح الأعطال التي أصابت محطة ضخ المياه بالقرب من مسجد “فرحان الرجب” على ضفة نهر الفرات، بحجة عدم وجود إمكانيات مالية لديها.
الانقطاع المستمر بالمياه ضاعف من معاناة الأهالي الذين يضطرون لشراء المياه من الصهاريج التي يملكها قادة في ميليشيا الدفاع الوطني وميليشيا الحرس الثوري الإيراني، حيث يتم بيع برميل المياه الواحد سعة 220 لتر بـ 5000 ليرة سورية، وهو مبلغ كبير جداً مقارنةً بدخل الفرد بالمدينة وحجم استهلاك المياه اليومي، الذي زاد خلال الأيام الماضية نتيجة ارتفاع معدلات درجات الحرارة واستمرار انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة.
مصادر محلية تحدثت عن خروج عدد كبير من أهالي المدينة باتجاه مدينة ديرالزور أو باتجاه مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” على الضفة الثانية لنهر الفرات، وبالذات العائلات النازحة في المدينة أو التي تعرضت منازلها لدمار كبير ولا تملك القدرة على إعادة تأهيلها، ناهيك عن المضايقات المستمرة التي يتعرضون لها من قبل عناصر الميليشيات الإيرانية وبالذات عناصر ميليشيا فاطميون الأفغانية وعناصر ميليشيا الحشد الشيعي العراقية.
وأكدت المصادر أن معظم العائلات المقيمة في المدينة في الوقت الحالي عرضت منازلها ومحالها التجارية للبيع بغرض الهروب من المدينة، التي تعاني انعداماً في جميع الخدمات الأساسية مع استمرار سيطرة الميليشيات الإيرانية وأذرعها المحلية على جميع القطاعات الخدمية في المدينة، ورفضهم أي محاولة لإصلاح الأعطال التي أصابت محطة ضخ المياه او شبكة الكهرباء والهاتف وباقي الخدمات.
“أم محمد”، مواطنة من مدينة البوكمال ومقيمة في الوقت الحالي بمدينة ديرالزور، ذكرت أنها “ما زالت ترفض العودة للسكن بالمدينة بسبب انعدام مستوى الخدمات الأساسية فيها بشكل كامل، وتحكم أذرع الميليشيات الإيرانية بجميع قطاعات الدولة هناك، على الرغم من امتلاك عائلتها منزل ومحل تجاري بالسوق المحلي وسط المدينة”.
وقالت في حديثها لمنصة SY24: “قمنا بتأجير المحل وإعطاء المنزل لأحد أقاربنا للسكن فيه لأن البوكمال اليوم أصبحت أشبه بالصحراء مع وجود أبنية حجرية فيها، بسبب انعدام كافة مقومات الحياة فيها من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وغيرها من الخدمات الضرورية، على الرغم من قيام الأهالي برفع عدة شكاوى لمحافظ المدينة الذي لا يستطيع تحريك مسمار واحد بالبوكمال دون موافقة قادة ميليشيا الحرس الثوري الإيراني”.
وأضافت أن “تعيش في البوكمال يعني أن عليك أن تضحي بأبنائك وأطفالك بسبب المحاولات المستمرة من قبل المركز الثقافي الإيراني وعناصر الميليشيات الإيرانية استمالتهم، بغرض زرع الفكر الشيعي داخلهم كما فعلوا مع أطفال بقرص وسعلو والزباري والجفرة والميادين وغيرها من قرى وبلدات ريف ديرالزور الشرقي، التي أصبحت بؤراً لانتشار الفكر الشيعي المتطرف”.
وفي سياق متصل، أكدت مصادر محلية أن ميليشيا الحرس الثوري الإيراني التي تسيطر على أغلب المنازل الواقعة على ضفة نهر الفرات بمدينة البوكمال والريف المحيط بها، ما تزال تمنع الأهالي من الاقتراب من النهر لتعبئة المياه أو لإصلاح مضخات ضخ المياه التي يملكونها لسقاية أراضيهم الزراعية، وذلك من أجل إجبارهم على شراء المياه من الصهاريج التي يملكها قادتها في المدينة.
وتعد مدينة البوكمال الواقعة على الحدود السورية العراقية من أهم مراكز تجمع الميليشيات الإيرانية في المنطقة، بسبب سيطرتها على معبر البوكمال البري الحكومي مع العراق بشكل شبه مباشر، بالإضافة إلى قيامها بإنشاء عدد من المعابر البرية غير النظامية مثل معبر “السكك”، الذي يعد منفذاً لتجارة السلاح وتهريب المخدرات التي تنتجها مصانع ميليشيا حزب الله اللبنانية في الضاحية الجنوبية لبيروت باتجاه العالم عن طريق العراق.