رغم مرور أربع سنوات على خروج “سناء” 28 عام، ( اسم مستعار)، إحدى الناجيات من معتقلات النظام السوري ، إلا أنها لم تستطع حتى اليوم، تجاوز الأذى الذي سببه لها الاعتقال.
اعتقلت الشابة “سناء” من أحد الحواجز العسكرية قبل دخولها الغوطة الشرقية صيف 2014، لزيارة أهلها المحاصرين داخل بلدتها، متنقلة بين عدة أفرع أمنية، لينتهي بها المطاف في فرع المخابرات الجوية بالمزة، حيث طوت سنتين من عمرها وراء قضبان السجن ذاقت فيهم أبشع أنواع العنف والتعذيب النفسي والجسدي والجنسي، بتهم باطلة أقلها دعم المجموعات الإرهابية وإدخال مواد ممنوعة إلى الغوطة الشرقية.
تقول في مقابلة خاصة مع منصتنا، إنها “تعرضت لأبشع أنواع العنف، منذ أسبوع اعتقالها الأول، حيث قام الضابط المسؤول عن التحقيق معها بضربها بالبسطار العسكري على صدرها حتى فقدت الوعي من شدة الألم، واستفاقت داخل زنزانة مظلمة لا تتجاوز متراً بمتر”.
صمتت “سناء” أثناء حديثها معنا، وأخدت نفساً عميقاً انتهى بدموع حارقة، “ليتني مت لحظة ضربني ولم يحدث معي ماحدث “.
تعرضت “سناء” أثناء مدة اعتقالها لأشد أنواع العنف جنسي، وهو الاغتصاب والذي لا يتوانَ ضباط ومخابرات النظام السوري عن ممارسته بحق عدد كبير من المعتقلات، إضافة إلى التعرية القسرية، إذ لا تنسَ لحظة تفتيشها في يومها الأول بطريقةٍ مذلة بعد إجبارها على خلع كامل ملابسها.
إضافة إلى تعرضها وباقي المعتقلات كما شاهدت وسمعت، للضرب المبرح والشبح والإهانات اللفظية والشتائم ذات الإيحاءات الجنسية، والتي تعد واحدة من أفظع الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلين/ت في سجون النظام.
يعد العنف الجنسي واحد من أشهر أساليب التعذيب المستخدمة في سجون النظام السوري، إذ كشفت شهادات ناجين/ات عن استخدام واسع وممنهج للعنف الجنسي في حقهم داخل السجون السورية.
خرجت “سناء” من المعتقل بصفقة تبادل، وتهجرت إلى الشمال السوري، حاملة بذاكرتها ندبات لم تشفَ بعد، ولاسيما أنها واجهت مجتمعاً حملها ذنب ما حصل معها، وكبّلها بالوصم والعار حتى من أقرب الناس لها، حسب ما أخبرتنا.
تشرح عاملة الدعم النفسي والاجتماعي “رنا جحا” في حديث خاص معنا، من خلال تعاملها مع الناجيات فتقول: “تفقد الناجية شبكة الأمان الاجتماعية من خلال الأسئلة الموجهة إليها حول الجرائم والانتهاكات التي تعرضت إليها خلال اعتقالها، وأكثرها يتمحور حول العنف الجنسي وحوادث الاغتصاب، فتحدث هذه الذكريات رضوضاً نفسية وإعادة اختبار الصدمة التي تنعكس بشكل سيء على نفسيتها”.
” اغتصبوكي شي؟ ” كان واحد من أكثر الأسئلة التي واجهتها “سناء” بعد خروجها من السجن، إذ كانت تكتفي بعدم رغبتها في الخوض في تلك المواضيع لما يسبب لها من أذى نفسي،وصل معها إلى حد الاكتئاب والعزلة والابتعاد عن المحيط والمجتمع.
“سناء” واحدة من آلاف النساء المعتقلات اللواتي تعرضهن لانتهاكات جسيمة في المعتقلات وماتزال إلى اليوم آلاف أخريات داخل السجون، يتعرضون لمختلف أنواع التعذيب والترهيب.
وفي ذات السياق ذكر أحدث تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان أنه سجل ما لا يقل عن 8013 حادثة عنف جنسي ضد الإناث، على يد قوات النظام السوري منذ آذار 2011 وحتى آذار 2022.