تدير السيدة الأربعينية “أم مصطفى” مقيمة في مدينة إدلب، مشروعها الصغير من داخل منزلها، بعدما عرفت بين أصدقائها ومحيطها الاجتماعي، بإتقانها تحضير كافة أصناف الأطعمة والأكلات الشرقية، وتجهيز المونة حسب الطلب، وبيعها بأسعار مناسبة للزبائن.
بمهارة يدوية، وخفة في العمل والتحضير، تنجز” أم مصطفى” يومياً عدة طلبيات لزبائنها، بمساعدة ابنتها الشابة، لتأمن من داخل منزلها فرصة عمل لهما، في ظل الظروف الاقتصادية المتردية، وقلة فرص العمل، والغلاء الفاحش الذي تشهده المنطقة.
تقول في حديثها إلينا، إنها :” منذ سنتين لجأت إلى العمل بمجال الطبخ وتحضير أصناف المونة ومساعدة الأمهات اللواتي لا يسعفهن الوقت في تحضير المونة أو وجبات الولائم والمناسبات، ولاسيما الموظفات والنساء العاملات، حيث لا وقت لديهن لتحضير ذلك”.
لاقى مشروع “أم مصطفى” قبولاً واسعاً في محيطها، لما تتميز به من الإتقان والنظافة والمذاق الشهي، وأسعارها المناسبة التي ساهمت في شهرتها ضمن المنطقة، كما تخبرنا أيضاً أن هناك زبائن يقصدونها من مدينة أريحا وسرمدا والدانا، بعد أن خبروا جودة العمل لديها.
وعن الأصناف التي تحضرها السيدة تقول لنا، إنها تقوم بـ “لف يبرق ورق العنب، وحفر الكوسا والباذنجان والقرع، وتحضير النعنع اليابس للمونة المنزلية، والدوبركة، والكبب بأنواعها ، والشيشبرك وسمبوسك، و الفطائر والمعجنات، وغيرها من الأطعمة السورية الشعبية”.
وتكمل أنها أحيانا تشتري جميع المكونات وتحضر الطلب الخاص للزبونة، وأحيانا تصل كل المكونات إليها، وتقتصر مهمتها على العمل والتحضير، مقابل أجرة بسيطة لا تتجاوز 30 ليرة تركية، تعينها في متطلبات الحياة.
تعيش “أم مصطفى” في مدينة إدلب مع ابنتها، دون وجود معيل لهما، ودون حصولها على شهادة تعليمية تمكنها من العمل في أي وظيفة، ما جعلها تستثمر هوايتها وشغفها في الطبخ إلى فرصة عمل جيدة، أمنت لها دخلاً معيناً.
استعانت “أم مصطفى” بمواقع التواصل الاجتماعي، لعرض جانب من أعمالها، وتسويقها لزيادة إنتاجها، من خلال صفحة خاصة بها على منصة فيسبوك باسم “مارين محمد” تعرض فيها الطلبات التي تحضرها بعد تغليفها بشكل متقن، ممازاد من إقبال الزبائن عليها.
حاولت السيدة الأربعينية جهدها لتوسيع عملها بعد أكثر من عامين من العمل بهذا المجال، وكسب ثقة الزبائن والأهالي الذين تعاملوا معها لتثبت أن المراة السورية قادرة على تطويع ظروفها الصعبة وبأبسط المقومات والمواد الأولية للحصول على لقمة عيش كريمة دون الحاجة لأحد.
ليست “أم مصطفى” الوحيدة التي تعمل في تحضير المونة في إدلب، أو باقي الأعمال اليدوية الآخرى بل لجأت عشرات السيدات إلى العمل داخل منازلهن بعد أن حرمتهم الحياة فرصة التعليم أو العمل بمهنة أخرى خارج المنزل.