أعادت معظم الميليشيات الإيرانية المنتشرة في مدينة ديرالزور والقرى والبلدات المحيطة بها، افتتاح باب الانتساب لصفوفها عقب توقف استمر لعدة أشهر، وذلك مقابل رواتب شهرية تقدر بحوالي 200 ألف ليرة سورية، مع تقديمها سلال غذائية وبعض الميزات الأخرى، مع تخليها عن بعض الشروط التي كانت تفرضها على منتسبيها الجدد.
إعادة فتح باب الانتساب لصفوف الميليشيات الإيرانية جاء عقب النقص الحاد الذي تشهده هذه الميليشيات، بعد تعرضها لخسائر بشرية كبيرة نتيجة الغارات التي تشنها قوات التحالف الدولي والطيران الاسرائيلي على مواقعها في معظم المناطق السورية، ناهيك عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى خلال الهجمات التي يشنها عناصر تنظيم داعش ضد قواتها في البادية السورية.
قيادة ميليشيا الحرس الثوري الإيراني وافقت على مقترح تقدم به عدد من قادة الميليشيات المحليين يتضمن “وجوب التخلي عن بعض الشروط التي وضعتها قيادة الميليشيا من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من المنتسبين المحليين لصفوفها”، وذلك بعد اتجاه أبناء المنطقة للتطوع بصفوف المليشيات الروسية، أو الهرب باتجاه مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” على الضفة المقابلة لنهر الفرات والانتساب لها.
مصادر خاصة تحدثت عن طلب القادة المحليين بإلغاء شرط تغيير المذهب للمنتسبين الجدد من السني إلى الشيعي، وعدم إجبارهم على تغيير عقيدتهم أو الصلاة في جماعة تحت “إمامة المعممين الشيعة”، بالإضافة إلى إعطائهم الحق في اختيار نقاط تمركزهم ومواقع خدمتهم مع ميزات إضافية للراغبين بالذهاب للخدمة بالمناطق الخطرة مثل البادية السورية أو المعابر البرية غير النظامية، التي تتعرض لقصف مستمر من طيران التحالف الدولي والإسرائيلي.
المصادر ذاتها أكدت أن عدد المنتسبين الجدد إلى مختلف الميليشيات الإيرانية لم يتجاوز 50 عنصرا منذ الإعلان عن إعادة فتح باب الانتساب لها، مع تقديم أكثر من 200 عنصر استقالتهم من هذه الميلشيات والتحاقهم بصفوف الميليشيات الروسية التي تقدم رواتب أعلى و مميزات أفضل من نظيرتها الإيرانية، ناهيك عن ارتفاع معدل حالات الهروب إلى مناطق “قسد” عبر المعابر النهرية غير النظامية وبالاتفاق مع ميليشيا الدفاع الوطني، التي تسهل هروبهم لإضعاف موقف المليشيات الإيرانية في المدينة.
ويعد التنافس بين مختلف الميليشيات المتواجدة في مدينة ديرالزور على ضم أكبر عدد ممكن من أبناء المنطقة إلى صفوفها أحد أهم أسباب الصراع بينها، مع سعي كل منها إلى بسط نفوذه داخل المدينة والبلدات المحيطة والسيطرة على حركة الدخول والخروج منها، وفرض الإتاوات المالية وتحصيل أكبر قدر ممكن من الأرباح التي تضمن استمرارها وبقائها في المنطقة.
“عدي المحمد”، منتسب سابق في صفوف ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، تحدث عن “تعرضه وباقي عناصر الميليشيا المحليين لمعاملة سيئة من قادة الميليشيا وعناصرها الأجانب وخصوصاً الإيرانيين، الذين يتعاملون بعنصرية مع المكون العربي وبالذات الرافضين لتغيير مذهبهم الشيعي، معتبرين أنهم يشكلون خطراً على الميليشيا ومتهمينهم بالتآمر عليهم أو التخابر مع التحالف الدولي عقب كل ضربة يتلقونها”، على حد تعبيره.
وقال في حديثه لمنصة SY24: “انتسبت إلى الحرس الثوري وأنا بعمر 16 سنة أثناء الحصار الذي فرضه تنظيم داعش على ديرالزور، وذلك بعد أن تم إغرائي وعائلتي بسلال غذائية وراتب شهري وبعض الميزات الأخرى، ناهيك عن السلطة والقوة التي منحت لي في سن مبكرة والتي جعلتني أتفوق على باقي زملائي وأترك دراستي بهدف التمتع بهذا النفوذ”.
وتابع أنه “بعد عامين من الخدمة داخل صفوف الميليشيا اتضح لنا أن جميع المنتسبين المحليين هم عبارة عن وقود لهذه الميليشيا، لأنه يتم اجبارنا على الذهاب إلى المناطق الخطرة ونقاط الاشتباك المباشرة، بينما ينعم قادة الميليشيات والعناصر الإيرانيين بالجلوس في الفلل والمنازل التي استولوا عليها في المدينة، وهذا أحد الأسباب التي دفعتني إلى تركها والهرب إلى خارج المدينة”.
وأضاف أن “إجبار المنتسبين على تغيير عقيدتهم والصلاة على طريقتهم وشتم الصحابة وسيدتنا عائشة، وغيرها من الأفعال التي تتنافى مع عادات وتقاليد أبناء المنطقة دفعت عدد كبير من الشباب إلى تركها، ناهيك عن رضى القادة المحليين لهذه الميليشيا عن هذه التصرفات لما يتقاضونه من مكاسب وأموال لقاء سكوتهم، و اضطرار عدد كبير من الشباب لقبول الانتساب لهم بسبب الظروف المالية التي يعانون منها”.
ويتواجد في الأجزاء التي يسيطر عليها النظام السوري في محافظة ديرالزور عدد كبير من الميليشيات الشيعية ومن أبرزها ميليشيا فاطميون الأفغانية، وميليشيا زينبيون الباكستانية، وميليشيا حزب الله اللبنانية، وميليشيا النجباء العراقية، ناهيك عن تواجد بعض الميليشيات المحلية التي تم تشكيلها من أبناء المنطقة مثل ميليشيا الفوج 47 وميليشيا أبناء العشائر، والتي تعمل جميعها تحت قيادة ميليشيا الحرس الثوري الإيراني.