شنت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري حملة مداهمات طالت بعض قرى ريف ديرالزور الشمالي وقامت باعتقال عدد من الفلاحين بتهمة “عدم توريد كامل محصول القمح إلى مؤسساتها”، وعمدت إلى مصادرة كميات صغيرة من القمح كان الفلاحون قد خزنوها لديهم، بهدف الاستعمال المنزلي بسبب ارتفاع أسعار الطحين و رداءة الخبز الذي تنتجه الأفران في المنطقة.
وجاءت عمليات المداهمة بعد قيام عدد من المخبرين الذين يعملون داخل مؤسسة الحبوب التابعة لحكومة النظام بكتابة “تقارير كيدية” ورفعها لمحافظ المدينة، متهمين فيها فلاحي قرى خشام ومراط والصالحية والطابية بعدم توريد كامل محصول القمح الذي أنتجته أراضيهم الزراعية بهدف تهريبه إلى مناطق “قسد” وبيعه هناك بأسعار مرتفعة.
مصادر محلية تحدثت عن ارتفاع عدد الفلاحين المعتقلين لدى أجهزة النظام الأمنية، بتهمة “الامتناع عن توريد القمح والإضرار بالاقتصاد القومي”، الأمر الذي أثار حفيظة جميع أبناء ريف ديرالزور والذين هددوا بالامتناع عن زراعة أراضيهم الزراعية في حال استمرت حكومة النظام بالضغط عليهم وملاحقتهم ومصادرة مخزونهم المنزلي من القمح والشعير.
وأفادت المصادر بقيام قادة الميليشيات الإيرانية وميليشيا الدفاع الوطني والضباط الذين استولوا على أراضي المهجرين الزراعية في ريف ديرالزور، بتهريب كامل محصول القمح الذي قاموا بزراعته فيها إلى مناطق سيطرة “قسد” على الضفة المقابلة لنهر الفرات وبيعه هناك بأسعار مضاعفة.
بينما تغاضت حكومة النظام عن قيام شيوخ ووجهاء العشائر الموالين لها بتخزين كميات كبيرة من القمح والشعير بشكل علني داخل مستودعاتهم في ريف ديرالزور الغربي والشرقي، بهدف استعمال هذا المخزون في إقامة الولائم لضباط الأجهزة الأمنية وقادة الميليشيات الإيرانية والمحلية لكسب ودهم والتقرب منهم.
“أبو خليل”، وهو أحد أبناء قرية “حطلة” بريف ديرالزور، تحدث عن “امتناع عدد كبير من أبناء القرية عن توريد كامل محصول القمح لمؤسسات النظام بهدف الاستعمال المنزلي، مستفيدين من اعتناقهم المذهب الشيعي وانتساب عدد من أبنائهم لصفوف الميليشيات الإيرانية، في الوقت الذي تمت فيه مصادرة القمح من المزارعين السنة والذين لا يملكون واسطة لدى أجهزة النظام”، على حد قوله.
وقال الشاب في حديثه لمنصة SY24: إن “النظام يحاول الضغط على فلاحي المنطقة ومصادرة محاصيلهم الزراعية من أجل دفعهم إلى بيع أراضيهم والخروج من المنطقة بأسرع وقت، من أجل توطين عائلات عناصر الميليشيات الإيرانية الأجنبية في هذه القرى والبلدات لتغيير ديمغرافيتها والعمل على تشييع الأهالي لخدمة مشروع إيران في المنطقة”.
وأضاف أن “حكومة النظام تجبر الفلاحين على بيعها محصول القمح بالكامل وبالسعر الذي حددته، على الرغم من أن هذا السعر لا يغطي كامل التكاليف المالية التي صرفها الفلاح خلال فترة زراعة القمح، ناهيك عن المجهود الجسدي الذي بذله لإنتاجه، والآن يلاحق الفلاحين ويعمل على مصادرة كميات قليلة تم تخزينها للاستعمال المنزلي، بينما يتم تهريب القمح أمام أعين الجميع إلى مناطق قسد لبيعه هناك بأسعار مضاعفة”.
وكانت حكومة النظام السوري قد حددت سعر شراء كيلو القمح الواحد من الفلاحين في مناطق سيطرتها بمبلغ 1700 ليرة سورية، مع تقديمها مكافاة مالية تبلغ 300 ليرة، في الوقت الذي تبلغ فيه المكافأة للفلاحين الراغبين بتوريد القمح إليها من خارج مناطق سيطرتها 400 ليرة سورية ليصل سعر كيلو القمح الواحد 2100 ليرة، والذي اعتبره عدد كبير من الفلاحين أنه غير مناسب ولا يغطي تكاليف زراعة محصول القمح، وبالذات مع غياب الدعم الكامل لمؤسسات النظام وعدم تقديم المحروقات والمبيدات الحشرية والسماد الكافي لهم، ما تسبب بخسارة معظم الفلاحين وامتناع آخرين عن زراعة القمح هذا الموسم.