على الرغم من المعاناة الكبيرة التي يعاني منها الأهالي في المخيمات العشوائية المنتشرة في قرى وأرياف مدينة الرقة، والتي يصل عددها إلى أكثر من 80 مخيم يعيش فيها أكثر من 50 ألف شخص معظمهم من أرياف حمص وحماه ودير الزور، نزحوا إلى المنطقة هرباً من قوات النظام والميليشيات الموالية التي استولت على مدنهم وقراهم.
حيث تشهد هذه المخيمات بين الحين والآخر احتفالات وأعراس محلية يقيمها النازحون فيها متحدين كل الظروف المعيشية القاسية التي يعانون منها، في محاولة منهم لإضفاء نوع من البهجة والسرور الى داخلهم، والتخلص من الآثار السلبية لحالة النزوح التي يعيشونها منذ قرابة 8 سنوات قضوها متنقلين بين أرياف الرقة ودير الزور بحثاً عن الأمن والأمان.
“سعيد حمدون”، نازح من ريف حماة ومقيم في مخيم الرشيد العشوائي، اختار أن يقيم عرسه وسط المخيم في محاولة منه، لـ “إضفاء نوع من البهجة والسرور وسط المخيم الذي يعيش فيه منذ قرابة ثمانية أعوام مع أهله وأصدقائه وأقربائه”، على حد تعبيره.
وقال “حمدون” في حديثه لمنصة SY24: “تعددت حالات الزواج في المخيمات لكنها المرة الأولى التي تتم عبر ممارسة عاداتهم وطقوسهم المتبعة في حماة، حيث لعبت هذه الزيجات دوراً أساسياً في تعارف الناس على بعضها البعض، وتوطيد أواصر المحبة بينهم ووصلت لحد الانتقال معاً في كل منطقة يضطرون للنزوح إليها”.
وأضاف “أصدقائي وأقاربي وضعوا أجهزة الإنارة على حبال الخيمة، بعد أن جلبوا مولد كهربائي قاموا باستئجار لهذا اليوم، ثم زينوا الخيمة بألوان زاهية وحمراء على شاكلة غرفة النوم التي كنت أحلم بها سابقاً، في محاولة منهم إضفاء البهجة والسرور إلى داخلي، وأيضاً لتناسي الواقع المر الذي نعيشه في هذه الخيام”.
وتابع “شهد مخيمنا حالات كثيرة للزواج، لكنها المرة الأولى التي يُعلن فيها عن عقد حفلة مسائية ودعوة للفرح، حيث كنا نحلم بزواج مثالي، يتمثل بإقامة الولائم والحفلات في الصالات الخاصة بالأفراح، لكن حالة النزوح جعلتنا ننسى معظم جميع تلك العادات، واكتفينا بإقامة حفلة صغيرة نأمل أن تكون الأخيرة لنا هنا وأن نحتفل بالعرس الأكبر بسقوط النظام وعودة المهجرين والنازحين إلى منازلهم”.
من جهة أخرى، مثلت الإجراءات المطلوبة لتثبيت زواج سعيد لدى محاكم “الإدارة الذاتية” عبئاً آخر يضاف إلى الأعباء التي عانى منها قبيل زواجه، حيث يتعين عليه تجديد “بطاقة الوافد” التي يحملها مع زوجته، وإحضار “كفيل” من أبناء المنطقة حصراً مع شهود من عائلتيهما، الأمر الذي دفعه للزواج بشكل غير قانوني دون اضطراره إلى تثبيت زواجه لدى “الإدارة الذاتية”.
يشار إلى أن المحامي “خليل عبود”، أحد نازحي ريف حماة، حذر من “خطورة” حالات الزواج غير الموثقة بسجلات رسمية وما تؤديه في نهاية الأمر إلى “كتم” قيد الأطفال، وعدم حصولهم على وثائق رسمية وعلى رأسها البطاقة الشخصية، أو تُعيق حتى دخولهم للمدارس، وطالب بتوثيق حالات الزواج بأي وسيلة كانت، حتى عبر سماسرة ومحامين يعملون في مناطق سيطرة النظام السوري، وتثبيت الزواج في المحاكم السورية لأنها “تتبع لنظام الدولة وليست للنظام السوري”، على حد قوله.