تستمر الميليشيات الإيرانية المنتشرة في مدينة ديرالزور والريف المحيط بها بالاستعداد لاستقبال يوم عاشوراء الذي يقدسه الشيعة في العالم، وذلك عبر رفع رايات طائفية على مقراتها العسكرية والمراكز الثقافية المرتبطة بها، وأيضاً في عدد من الشوارع والأحياء وعلى سياراتهم الخاصة، بالإضافة إلى استمرار استقبال الزوار في المقامات التي يعتبرونها “مقدسة” بريف ديرالزور.
وتعد الاحتفالات هذا العام هي الأكبر بالنسبة لهذه الميليشيات في الأجزاء التي تسيطر عليها في مدينة ديرالزور، مقارنةً بالعام الماضي، وذلك بعد تزايد نفوذ هذه المليشيات وتراجع سطوة الميليشيات المسلحة الأخرى في المنطقة، ناهيك عن الدعم المالي الكبير المقدم لها من قبل طهران بهدف نشر مشروعها الطائفي بشكل أكبر بين الأهالي.
مصادر محلية تحدثت عن قيام الميليشيات الإيرانية بإنشاء عدة مطابخ متنقلة في مدينة ديرالزور وقرية حطلة في الريف الشمالي، وكذلك في مدن الميادين والعشارة والقورية والبوكمال والريف المحيط بها، تحت إشراف مباشر من قبل قيادة ميليشيا الحرس الثوري وبحراسة أمنية مشددة خوفاً من تعرض هذه المطابخ للتخريب، عبر وضع السموم أو أي مواد أخرى من قبل مناهضي الوجود الإيراني في المنطقة.
وأكدت مصادرنا، أن الميليشيات الإيرانية ركزت عمليات توزيع الطعام على الأطفال الذين تجمعوا حولها وطالبتهم بترديد شعارات طائفية مثل “يا حسين ويا علي ويا زينب”، بالإضافة إلى مطالبتهم بـ “سب وشتم بقية الصحابة بشكل علني” مقابل حصولهم على كميات إضافية من الطعام والشراب، مع قيام المسؤولين عن هذه المطابخ بتقديم وجبات إضافية للأطفال الذين يترددون بشكل متقطع على المراكز الثقافية الإيرانية، وحلقات التدريس الدينية التي تقام في الحسينيات والمزارات في المنطقة.
حيث تستغل مليشيات طهران الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها معظم أهالي مدينة ديرالزور والريف المحيط بها من أجل استقطاب الأطفال لصفوفها، عبر توزيع الطعام الذي يحوي كميات كبيرة من اللحوم والدجاج التي حرمت منها معظم عائلات المنطقة نتيجة لارتفاع أسعارها، وعدم قدرتهم على شرائها، إضافة لإغراء عناصر المليشيات لهؤلاء الأطفال بالحلوى والعصائر الباردة وتقديمهم وعود لهم باستمرار حصولهم على حصص غذائية يومية في حال سجلوا أسمائهم للانضمام إلى المركز الثقافي الإيراني والمنظمات الدعوية الأخرى المرتبطة به.
“منار الحسين”، معلمة مدرسة ومقيمة في حي القصور بمدينة ديرالزور، ذكرت أنها “جلست كثيراً مع أقاربها وجيرانها في محاولة منها تقديم النصح لهم بضرورة إبعاد أطفالهم عن المطابخ الايرانية والخيم المتنقلة التي يديرها مقاتلون أجانب في المدينة”.
وقالت “الحسين” في حديثها مع منصة SY24، إن “عمليات استقطاب أطفال المدينة والريف تتم بشكل ممنهج من قبل قادة وعناصر الميليشيات الإيرانية، وذلك ضمن خطة وضعوها لنشر التشيع في المنطقة بشكل سريع مستغلين الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها الأهالي، وحالة غلاء الأسعار وعدم وجود فرص عمل جيدة للشباب وأيضاً اتجاههم نحو إغراء االشباب بالسلطة والمال والمخدرات لضمهم لصفوفها”.
وأوضحت أن “الغرض من هذه المطابخ بات معروفاً لدى الجميع، إلا أن بعض العائلات اضطرت لإرسال أطفالها للحصول على الطعام، غير أنهم لم يعلموا أن الميليشيات الإيرانية حققت هدفها من هذه المطابخ واستطاعت استمالة هؤلاء الأطفال إلى جانبها خلال وقت قصير وبتكلفة منخفضة”.
من جهته، نقل الشاب “عدي المحمد”، وهو عنصر سابق في صفوف ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، عن أحد عناصر ميليشيا “حزب الله” العراقية، قوله: إن “فكرة المطابخ المتنقلة تم اتباعها في العراق واليمن وبعض مدن إيران التي يتواجد فيها أكثرية سنية، من أجل إغراء العائلات الفقيرة للقدوم لهذه المطابخ مقابل التنازل عن دينهم وعقيدتهم وتحولهم المذهب الشيعي”، على حد تعبيره.
وأوضح “عدي” في حديثه، أنه “عمل في أحد هذه المطابخ بمنطقة السيدة زينب بمدينة دمشق حيث استطاعت تحقيق أهدافها عبر استقطاب العائلات النازحة والمهجرة التي كانت تقيم في المدارس والشوارع والحدائق دون أي معيل أو دخل يومي، وقامت بالتقرب منهم وضم عدد من أطفالهم إلى صفوفها، والذين أصبحوا اليوم مقاتلين وموظفين في المراقد والمزارات الشيعية بدمشق وباقي المدن السورية التي تحتلها هذه الميلشيات”.
وتعد المطابخ المتنقلة التابعة للميليشيات الإيرانية من أبرز طقوس الميليشيات في ذكرى “يوم عاشوراء”، والتي استطاعت استغلال هذا التقليد في استقطاب الأطفال والعائلات الفقيرة في المدن والبلدات التي تسيطر عليها وضمهم إلى صفوفها، بهدف تحقيق حلمها في إنشاء الهلال الشيعي وتوسيع نفوذها لصالح مشروعها الطائفي في المنطقة.