ظهرت في الآونة الأخيرة بقع سوداء على ضفاف نهر الفرات بالقرب من نقاط التهريب المنتشرة بريف ديرالزور الشرقي، الخاضع لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، والتي تستخدم لنقل النفط والمحروقات وبعض البضائع الأخرى بطريقة غير شرعية إلى مناطق سيطرة النظام السوري على الضفة المقابلة، ما تسبب بنفوق أعداد هائلة من الأسماك وبعض الحيوانات الأخرى التي تعيش في المنطقة.
أهالي ريف ديرالزور أكدوا أن هذه البقع هي عبارة عن تسرب للمشتقات النفطية التي يتم تهريبها إلى مناطق النظام والميليشيات الإيرانية، نتيجة استخدام المهربين لطرق بدائية جداً في عمليات التهريب، ناهيك عن الاستهداف المتكرر لقوات “قسد” لأنابيب نقل النفط إلى الضفة المقابلة، ما أدى الى تسرب كميات كبيرة منه إلى مجرى نهر الفرات.
وأكدت مصادر طبية في ريف ديرالزور الشرقي، أن تسرب كميات كبيرة من المشتقات النفطية لمجرى نهر الفرات يهدد بشكل مباشر حياة سكان المنطقة، وخاصة التي تعتمد على مياه النهر كمصدر رئيسي لمياه الشرب وسقاية الماشية والمحاصيل الزراعية المنزلية، ما قد يسبب حالات تسمم وبالذات لدى الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
وأوضحت المصادر، أن عدد كبير من الأهالي ظهرت لديهم أعراض تسمم جزئية نتيجة تلوث مياه الفرات، وتمثلت هذه الأعراض بارتفاع درجات الحرارة وحالات إسهال مزمنة وآلام في منطقة البطن و المعدة والتهابات داخلية، وخاصة لدى الأطفال، ما دفع أطباء المنطقة والمشرفين الصحيين للطلب من الأهالي بضرورة تعقيم المياه قبل شربها عبر وضع قطعة قماش على الصنابير ومن ثم غلي المياه وتبريدها في أوعية نظيفة ومعقمة.
“سليمان الصالح”، وهو أحد سكان مدينة الشحيل بريف دير الزور الشرقي، ذكر أن “البقع النفطية السوداء باتت تؤثر بشكل مباشر على الحياة النهرية والبرية معاً ولتأثيرها على أبناء المنطقة، كونها تسببت بنفوق كميات كبيرة من الأسماك والطيور التي تتكاثر على ضفاف نهر الفرات، بالإضافة إلى تلوث الحشائش والنباتات التي تنمو على السرير النهري والتي تعتمد عليها أغلب الحيوانات البرية والمنزلية”.
وقال الشاب في حديثه لمنصة SY24: إن “أغلب البقع النفطية التي ظهرت في المنطقة جاءت نتيجة الإهمال الكبير لدى مهربي النفط إلى مناطق النظام، الذين لا يكترثون لتلوث النهر بل جل همهم هو الحصول على المزيد من الأموال والأرباح نتيجة بيع هذه المشتقات إلى النظام والميليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة”.
ولفت إلى أن “قسد قادرة على إيقاف عمليات التهريب بشكل سريع بمجرد قطع أنابيب النفط التي تربط ريفنا بالجهة التي تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية، وحرق العبارات النهرية التي تستخدم بالتهريب، ولكن تورط عدد من قادة قسد بعمليات التهريب حال دون ذلك، الأمر الذي تسبب بحدوث اشتباكات دائمة بين المهربين من جهة، والتحالف الدولي وقسد من جهة أخرى، نتج عنها عدد من القتلى وتسرب كميات كبيرة من المشتقات النفطية إلى مجرى النهر”.
وأضاف أن “تلوث مياه النهر قد يسبب آثار كارثية على أبناء المنطقة في المستقبل وبالذات مع تراجع معدل الأمطار وانخفاض منسوب مياه النهر، وضخ أنابيب الصرف الصحي في مجرى النهر بشكل مباشر وانعدام عمليات التنظيف وتعقيم مياه الشرب، بسبب عدم صيانة محطات التحلية وإعادة تأهيلها من قبل مؤسسات الإدارة الذاتية التي تدير المنطقة”.
وناشد أهالي قرى وبلدات ريف ديرالزور الشرقي “الادارة الذاتية”، الجهة المدنية التي تدير مناطق شمال شرق سوريا، للتدخل بشكل عاجل لوقف عمليات تهريب النفط وإطلاق حملة محلية بمساعدة المنظمات الدولية لتنظيف وتعقيم مياه نهر الفرات، وإزالة البقع السوداء التي تشكلت نتيجة تسرب المشتقات النفطية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل جميع محطات تصفية وتحلية المياه الموجودة في المنطقة التي يعتمد عليها أكثر من نصف مليون نسمة في المنطقة.