عثر قاطنو الأحياء التي تسيطر عليها قوات النظام السوري وسط مدينة الحسكة على منشورات ورقية كتب عليها عبارات مناهضة للوجود الإيراني في سوريا بشكل عام وفي الحسكة بشكل خاص، وتم لصق هذه المنشورات داخل أحياء المحطة والجامع الكبير وبالقرب من مبنى حزب البعث، وأيضاً على جدران المدارس وبجانب مبنى القصر العدلي الذي تتخذه حكومة النظام مقراً رئيسياً لها في المدينة.
حيث تعد عملية إلصاق المنشورات داخل منطقة المربع الأمني وسط الحسكة هي الثانية من نوعها في غضون أسبوع، وذلك بعد أن قام عدة أشخاص مجهولين بوضع ملصقات تعارض “التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية السورية وتطالب بطرد جميع الميليشيات المسلحة التابعة لها من المنطقة، والوقوف بحزم بوجه مشروعها الطائفي في المنطقة”، بحسب ما جاء فيها.
كما أشارت هذه المنشورات إلى الدور الذي تلعبه الميليشيات الإيرانية في “تخريب النسيج المجتمعي والديني في المنطقة ذات الأكثرية السنية، ومحاولة نشر التشيع بين الأهالي مستغلةً الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعانون منه، واستمرار الوسطاء التابعين لها بتجنيد أبناء المنطقة للقتال بجانبها وتقديم كافة المساعدة المالية والمعنوية لهم، بالإضافة إلى إجراءات أخرى متمثلة بالمخدرات والسلطة وغيرها”.
مصادر خاصة من داخل المربع الأمني تحدثت لمنصة SY24 عن رفض تام من قبل قادة وعناصر ميليشيا الدفاع الوطني بالحسكة لتواجد الميليشيات الإيرانية في المدينة، مع رفضهم فتح مقرات لها ضمن المربع الأمني وسط الحسكة، ناهيك عن “تحريضهم شيوخ ووجهاء العشائر الموالين للنظام لرفض الوجود الإيراني ومنع انتشار ميليشيات طهران في مناطقهم”.
المصادر ذاتها أكدت أن ميلشيا الدفاع الوطني ترفض التدخل الإيراني في المنطقة لـ” خوفها من قيامها بالسيطرة على جميع المعابر وتجارة المخدرات وفرض نفوذها وسلطتها عليها، على غرار ما فعلته في محافظة ديرالزور، وسط صمت متعمد من قبل الحكومة والأجهزة الأمنية النظامية التي تعمل بالتواطؤ مع هذه طهران على تغيير الطبيعة الديموغرافية للمنطقة ونشر التشيع بين أبنائها للسيطرة عليها بسهولة في المستقبل”.
فيما أوضحت هذه المصادر احتمال تورط عناصر في ميليشيا الدفاع الوطني بالوقوف وراء إلصاق المنشورات المناهضة للوجود الإيراني في مناطق سيطرة النظام بمدينة الحسكة، خصوصاً بعد العثور على عدد من هذه المنشورات في أحياء خاضعة لمراقبة أمنية مشددة من قبل الحواجز العسكرية التابعة للأجهزة الأمنية النظامية وميليشيا الدفاع.
“منى جمال”، سيدة من أهالي مدينة الحسكة وتقطن في الأحياء التي يسيطر عليها النظام بالمدينة”، ذكرت أن “الخلافات بين ميليشيات الدفاع الوطني والأجهزة الأمنية النظامية باتت مشهداً يومياً في المنطقة، وبالذات مع توافد بعض الشخصيات الغريبة عن المدينة ومحاولتها افتتاح بعض المقرات والمراكز الثقافية في عدد من أحيائها، غير أن محاولاتهم باءت بالفشل لرفض الأهالي تأجيرهم أي منزل أو عقار”، على حد تعبيرها.
وقالت السيدة في حديثها لمنصة SY24: “شاهدنا ماذا فعلت المليشيات الإيرانية في المدن والبلدات التي تسيطر عليها في مدينة ديرالزور، وكيف قامت باستغلال الفقر والضنك الذي يعاني منه أبناء المدينة وبالذات بعد الحصار الذي فرضه تنظيم داعش على المدينة، وقامت بإجبار شباب المدينة على الالتحاق بميليشياتها المسلحة، وهذا ما تحاول فعله في المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام في محافظة الحسكة”.
وأضافت أنه “لا يوجد هنا أي تأثير لهذه الميليشيات لأن عدد السكان قليل جداً والأهالي يقومون بإرسال أبنائهم خارج الأحياء الواقعة تحت سيطرة النظام عقب اقتراب موعد التجنيد الإلزامي، ناهيك عن الحصار غير المعلن الذي تفرضه قسد على هذه الأحياء، مع حالة العداء الفكري بين مشروع الإدارة الذاتية القائم على الشيوعية والمشروع الإيراني القائم على الطائفية والتشيع”.
وفي السياق ذاته، تحدثت مصادر محلية عن وصول 50 عنصر من ميليشيا فاطميون الأفغانية إلى مطار القامشلي العسكري شمال شرق مدينة الحسكة، وتم نقلهم بشكل مباشر إلى الأحياء التي تسيطر عليها قوات النظام بمدينة القامشلي، ووضعهم داخل المقرات العسكرية التي تعود لفرع الأمن العسكري، وسط حالة من التكتم الأمني خوفاً من تعرضها لغارات جوية من قبل قوات التحالف الدولي.
والجدير بالذكر أن السيطرة على محافظ الحسكة السورية الواقعة في أقصى شمال شرق سوريا، مقسمة بين “قوات سوريا الديمقراطية” التي تسيطر على المساحة الأكبر فيها، فيما تسيطر قوات النظام السوري على عدة أحياء داخل المربع الأمني وسط مدينة الحسكة، وأيضاً داخل مدينة القامشلي بالإضافة إلى مطار القامشلي العسكري الذي تديره القوات الروسية بشكل مباشر، وأيضاً فوج طرطب وجبل كوكب جنوب شرق الحسكة، فيما تسيطر فصائل المعارضة السورية على مدينة رأس العين شمال مدينة الحسكة على الحدود مع تركيا.