شنت “قوات سوريا الديمقراطية” حملةً أمنية واسعة في عدد من قرى وبلدات ريف ديرالزور الغربي وقامت باعتقال عدد كبير من أبناء المنطقة بعد توجيه عدد من التهم إليهم، فيما قامت بفرض حظر للتجوال عليها خوفاً من خروج الأهالي في مظاهرات واحتجاجات على هذه العملية، وسط حالة من الغضب والاستياء لديهم، حيث جاءت هذه العملية بالتزامن مع قيام التحالف الدولي بقصف مواقع الميليشيات الإيرانية على الضفة المقابلة لنهر الفرات.
العملية العسكرية استهدفت قرى وبلدات “الحسينية، والحصان، وشقرا، والجيعة، والصعوة” بالريف الغربي، والتي تشهد منذ أكثر من أسبوع مظاهرات واحتجاجات تخللها قطع للطرقات رداً على قيام “قسد” باعتقال عدد من أبناء المنطقة العاملين في مؤسسات “الإدارة الذاتية” أو فصلهم من مناصبهم وتعيين بعض الأشخاص المرتبطين بـ”الكوادر” العسكرية المسؤولة عن المنطقة، وهو ما أثار حفيظة الأهالي ودفعهم للاحتجاج على هذه التصرفات.
حيث أشارت وسائل الإعلام المقربة من “قسد” إلى أن الهدف الرئيسي من وراء هذه العملية الأمنية هو “اعتقال بعض الاشخاص المرتبطين بالميليشيات الإيرانية وأجهزة النظام السوري خوفاً من قيامهم بشن أي عمليات قد تزعزع امن واستقرار المنطقة، انتقاماً لاستهداف مواقع الميليشيات من قبل التحالف الدولي في ريف ديرالزور الشرقي”.
أهالي المنطقة أكدوا أن جميع من تم اعتقالهم هم “ناشطين مدنيين” في الحراك السلمي الذي يقودونه ضد ممارسات الكوادر العسكرية التابعة ل”قسد” في المنطقة، نافين أن يكون لأي من هؤلاء اي ارتباطات وعلاقات مع الميليشيات الإيرانية أو أجهزة الأمن السورية، معتبرين أن “قسد” وجهت لهم هذه التهم بهدف تبرئة ساحتها أمام قوات التحالف الدولي لضمان عدم مطالبته بإطلاق سراحهم.
مصادر محلية أشارت إلى أن من أبرز المعتقلين الشاب “أحمد جاسم السالم” أحد قادة الحراك السلمي في المنطقة ومن معارضي دخول أرتال القوات الروسية عبر قراهم وأراضيهم الزراعية، كما أنه يعد من منسقي المظاهرات والاحتجاجات في المنطقة، حيث تم اعتقاله بتهمة حيازة “قطعة سلاح غير مرخصة وقطع الطرقات وإشعال الإطارات المطاطية أثناء المظاهرات الأخيرة”.
فيما قامت قوات “قسد” باعتقال عدد من أعضاء “مجلس ديرالزور المدني” وبعض موظفي المؤسسات المدنية التابعة ل”الإدارة الذاتية” في المنطقة، عرف منهم الإعلامي “عبدالله حاج ابراهيم” والاستاذ “أحمد المنصور”، بالإضافة إلى اعتقال العشرات من أبناء المنطقة دون توجيه تهم محددة لهم، مع استمرارها بفرض حظر للتجوال على المنطقة.
“محمد الحسين”، اسم مستعار لأحد أبناء قرية الصعوة بريف ديرالزور الغربي، ذكر أن “عمليات الاعتقال جاءت رداًُ على الاحتجاجات الأخيرة التي خرجت بسبب تردي الوضع المعيشي في المنطقة، وفصل أبنائها الموظفين لدى مؤسسات الإدارة الذاتية من وظائفهم دون سبب محدد، وتعيين آخرين مقربين من بعض الكوادر العسكرية المحلية والكردية، ناهيك عن الوضع الأمني المتردي وحالة السيولة الأمنية التي تعيشها المنطقة”، على حد تعبيره.
وقال الشاب في حديثه لمنصة SY24: إنه “لا نعلم عدد المعتقلين أو التهم الموجهة لهم، ولكن بعد اعتقال الناشطين في الحراك السلمي الأخير أيقنا أن هذه الحملة جاءت رداً على الاحتجاجات، وليس بهدف تطهير المنطقة من جواسيس وعملاء الأجهزة النظامية السورية كما ادعت وسائل الإعلام المقربة من قسد”.
وأضاف أن “قسد وكوادرها العسكرية استغلت انشغال التحالف بالعمليات العسكرية وهاجمت القرى والبلدات التي شهدت احتجاجات مستمرة منذ أكثر من أسبوع، ولكن أبناء المنطقة لن يصمتوا على هذه الاعتقالات وأعتقد أن التصعيد سيكون سيد الموقف خلال الايام القادمة، في حال لم يتم إطلاق سراح المعتقلين بأسرع وقت ممكن”.
ويشار إلى أن قرى وبلدات ريف ديرالزور الغربي تشهد، منذ أكثر من سنة، احتجاجات متواصلة بسبب تدني المستوى المعيشي للأهالي وانعدام كافة الخدمات الرئيسية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم في المنطقة، بالإضافة إلى انعدام الأمان وارتفاع عدد جرائم القتل والسرقة وتسلط “الكوادر العسكرية” التابعة ل”قسد” على الأهالي وقيامهم بشن حملات اعتقال ضد كل من ينتقد سياستها في المنطقة، حتى من أعضاء “مجلس ديرالزور المدني” وموظفي “الإدارة الذاتية” التي تعتبر الجسم المدني الذي يدير مناطق شمال شرق سوريا.