“الرقة بيتي الأول، وفي لحظة ما أيقنت أني لا أستطيع العيش بعيداً عنها”، بهذه الكلمات عبر المهندس الزراعى “مصطفى عبد القادر” عن مشاعره تجاه المدينة التي احتضنته قبل أربعين عاما قادماً من مدينة الإسكندرية المصرية، ليستقر في مدينة الرقة ويشارك أهلها في جميع لحظاتهم الجميلة والقاسية.
“مصطفى عبد القادر” 72 عاماً، مهندس زراعي مصري قضى 40 عاماً منها في مدينة الرقة التي جاء إليها في العام 1975 في بعثة للاستثمار والتنمية في حوض الفرات، والتي انتهت بزواجه من فتاة من المدينة وأنجب منها أبنائه الأربعة، حيث أبدع مصطفى، والذي اشتهر باسم “المصري”، في مجال الهندسة الزراعية، قسم الوقاية، وأصبح مقصداً للمئات من المزارعين والمهندسين الذين يطلبون استشارته في كيفية علاج الآفات الزراعية المتنوعة، والتي كان له الدور الأكبر في القضاء على العديد منها بشكل نهائي، حينما كان يشرف على عمليات رشها بالمبيدات عبر الطائرات الزراعية قبل اندلاع الثورة السورية.
وفي لقاء خاص مع منصة SY24 قال العم مصطفى: “لا زلت أتذكر أيامي الأولى في مدينة الرقة، ولا زلت أنظر إليها على أنها بيتي الأول الذي أغناني عن مدينتي الإسكندرية، التي أزورها كضيف ثم أعود إلى هنا، لأني أصبحت واحد من أهالي المدينة الذين استقبلوني بحفاوة، وشاركوني جميع حالاتهم الاجتماعية المختلفة في الأفراح والمناسبات السعيدة، وفي حالات الوفاة وتقديم واجب العزاء، لدرجة إشراكي في حل النزاعات والصلح أحياناً”.
بقي المهندس “مصطفى المصري” في مدينة الرقة وشاركهم فرحة تحريرها من قوات النظام السوري في عام 2013، ليعيش لحظات الحرية التي طالما تغنى وحلم بها، إلى حين مجيئ تنظيم داعش واحتلاله المدينة، حيث تعرض لمضايقات كبيرة من عناصر التنظيم، الذين اتهموه بالتجسس لصالح التحالف الدولي، وبالذات بسبب معارضته لأفكار التنظيم المتشددة.
وبعد انطلاق المعارك بين داعش و”قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من التحالف الدولي، اضطر “مصطفى المصري” إلى النزوح خارج المدينة حاله كحال بقية الأهالي، إلا أن عناصر “قسد” اشتبهوا بانتمائه لتنظيم داعش وقاموا باعتقاله أكثر من مرة، قبل أن يتدخل أهالي المدينة يشرحوا لهم أن “المصري: هو أحد أبناء مدينة الرقة.
وإلى اليوم، لا يزال “مصطفى عبد القادر” والملقب بـ “المصري” يعمل في صيدليته الزراعية وسط مدينة الرقة، مقدماً النصائح والأدوية والمبيدات للمزارعين بأسعار مخفضة جداً لشعوره بظروف الناس الصعبة، ولأنه يحب أن يأتيه الناس بشكل كبير ليقدم من خبرته الكثير التي يتمنى أن يستفيد منها الناس دائما.