تعرِض القاعات السينمائية التركية، ابتداءً من 13 أبريل/نيسان 2018، فيلم “درعا”، الذي يحكي بداية الحرب في سوريا.
الفيلم التركي من إنتاج ةخالص جاهد قوروتلو”، وإخراج “مراد أونبول”، والذي رأى أن بعض الأتراك يتحدَّثون بـ “نوع من الكراهية تجاه السوريين، بسبب أنهم لم يُدركوا ما عاشوه”.
وبحسب حوار “مراد أونبول” مع صحيفة Yeni Şafak التركية، فإن “الفيلم سيعكس الواقع ويدفع الأتراك لمعايشة تجربة السوريين الذين خرجوا فقط للتعبير عن همومهم، حتى وجدوا أنفسهم مهجَّرين”.
وقال المخرج إنه “سعى طويلاً لشرح معاناة الشعب السوري للأتراك، وإنه رغب في أن يكون جزءاً من هذا العمل”، موضحاً أنه “كان يتابع ما يحدث في سوريا بأسف، خصوصاً عندما يقابل ذلك بعبارات الكراهية من طرف فئة من الأتراك”.
يحكي مؤلف الفيلم القصة انطلاقاً من بطلها علي الذي يمثل الكثير من السوريين الذين عانوا دون أن تكون لهم أية علاقة بالحراك الذي جرى.
يستند الفيلم على أحداث حقيقية، بالإضافة إلى مشاهد تكميلية تخيلية، نظراً لأن الفيلم لن يكون وثائقياً، لذلك، سيحتوي على بعض المشاهد التكميلية التي لن تُغير من طبيعة الأحداث أو تخفي بعضاً منها.
في المقابل، ستقتصر هذه المشاهد على المحافظة على سلاسة الأحداث، دون أن تؤثر على السيناريو الذي يستند بالأساس على أحداث حقيقية. “من الصعب شرح الأحداث التي تدور اليوم في سوريا”.
يقول “أونبول”، ما دفعه للتركيز على الأحداث في بداية الحرب، إذ تُعتبر درعا أول منطقة عبّر فيها السوريون عن همومهم، وتحدثوا فيها عن أوضاعهم الصعبة، قبل أن يجدوا أنفسهم مجبرين على مغادرة مدنهم وقراهم بسبب الظلم والاضطهاد الذي تعرضوا له.
ويرى المخرج أن “هذه الأحداث لم تحصل قبل مئات السنين، وبالتالي فإنَّ الحصول على تفاصيل ما جرى لا يتطلب جهداً كبيراً حتى تتضح الرؤية. أجرى المخرج ومنتج الفيلم مقابلات مع خمسة أشخاص، عاينوا وعاشوا تلك الأحداث في درعا”.
فيما قابل “أونبول” طالباً سورياً يدرس في تركيا، أصيب بثلاث رصاصات أثناء المواجهات في درعا، أثرت تجربته مخرج الفيلم، الذي جعل العمل يحتوي على مشاهد مروعة، لكن لا يمكن مقارنتها بالوقائع الحقيقية، حسب تعبيره.
كل ما تحتاجه هو الصعود إلى الجبل وتصوير فيلم
وعن المشاهدات التي قد يحققها الفيلم في القاعات السينمائية، قال “مراد أونبول”، “عندما أعمل على أفلام من هذا النوع، لا أفكر على الإطلاق بمسألة المشاهدات، لأنّ الفيلم يجسد هدفاً ورسالة سامية، كل ما أتمناه هو أن يصل الفيلم لأكبر عدد من المواطنين، حتى نتمكَّن من فهم معاناة إخوتنا السوريين وما تعرَّضوا له من أهوال”.
وانتقد المخرج لجوء الكثيرين من صناع السينما إلى أفلام العمليات العسكرية، “فلا ينتج هؤلاء الأشخاص هذه الأفلام بدافع حبهم للوطن، ولا نية لهم لفعل ذلك، لكن الدافع وراء إنتاج هذه الأفلام يتمثل في أنها ذات ميزانية محدودة، وتحقق أرباحاً كبيرة، وكل ما تحتاجه هو الصعود إلى الجبل وتصوير فيلم هناك، ومن ثم ستحظى بأموال طائلة”.
في العام 2017، قصد 70 مليون مشاهد دور السينما، بحسب “مراد أونبول”، الرقم الضخم لا يمثل للمخرج إنتاج محتوى ذي جودة وإنما هو مجرد تجارة.
وعن الجمع بين تحقيق ربح وفير وإنتاج أفلام جيدة، قال المخرج: “أتمنى أن نشاهد أفلاماً تُعرض في دور السينما لإيصال رسائل وغايات سامية، بعيداً عن التركيز على عدد المشاهدات”.
القطاع الخاص لا يهتم بالأعمال الجيدة
حظي المخرج التركي بدعم من وزارة الثقافة لإنتاج المشروع، وقال إن “الدولة دعمت الكثير من الأعمال الهادفة والناجحة، وإن الوزارة أسهمت في إنتاج وتصوير الفيلم”.
ليست هذه المرة الأولى التي أخرج فيها “أونبول” مسلسلات حظيت بدعم كبير من التلفزيون الحكومي، لكنه يرى أن هذه الأعمال لو كانت موجهة للقنوات الخاصة لما عرضوا منها شيئاً، لأنّ القطاع الخاص لا يلقي بَالاً للرسائل، ولا مدى جودة الأعمال، بقدر ما يهتم بالربح المالي.