قفزت أعداد الإصابات بمرض الكوليرا في مدينة ديرالزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية والروسية، لتصل إلى مستويات خطيرة وخاصة مع تردي الوضع الصحي في المدينة والريف المحيط بها، والإهمال الكبير من قبل مؤسسات النظام الطبية وعدم قدرة الكوادر المحلية عن التصدي لهذا المرض، ما قدر ينذر بتحوله إلى “وباء يهدد حياة المدنيين”.
وبحسب وزارة صحة التابعة للنظام، فقد ارتفعت أعداد الإصابات بالكوليرا في مناطق سيطرته بدير الزور لـ 72 حالة مثبتة، مع استقرار عدد الوفيات الناجمة عنه عند وفيتان فقط، وهو أقل من عدد الإصابات في باقي المحافظات السورية، على الرغم من اكتشاف “ضمة الكوليرا” في نهر الفرات، والذي يستخدمه أهالي المدينة وريفها للشرب وري المحاصيل الزراعية وغيرها من الاستخدامات الشخصية.
وأكدت مصادر طبية لمنصة SY24، أن أعداد الإصابة بالكوليرا في المنطقة مختلفةً بشكل تام عن إحصائية النظام، وخاصةً مع وصول مئات الحالات بشكل شبه يومي إلى مستشفى “الأسد” الحكومي في المدينة، وأيضاً إلى باقي المشافي والمراكز الصحية في الريف المحيط بها، ورفض إدارة هذه المشافي تسجيل الإصابات تحت بند الكوليرا بالرغم من وجود نفس أعراض المرض لدى الجميع، وإجبار الكادر الطبي على التعامل معها على أنها حالات إسهال مزمن أو تسمم غذائي أو أمراض في الجهاز الهضمي.
وتحدثت المصادر عن تعليمات من الأجهزة الأمنية بعدم التحدث عن الأرقام الحقيقية للإصابات بالكوليرا في المدينة، لـ “عدم إثارة الرعب لدى الأهالي والحفاظ على الاستقرار فيها، وخاصة مع تعطل معظم محطات تصفية المياه وارتفاع معدلات التلوث في النهر الذي يعد المصدر الوحيد للمياه بالنسبة للسكان”.
أهالي المدينة أبدوا تخوفهم من انتشار مرض الكوليرا في المدينة وطالبوا مؤسسات النظام الحكومية بضرورة توزيع “أقراص الكلور المنزلي” على جميع المواطنين، وإصلاح محطات تصفية المياه وتنظيف جميع أنابيب الصرف الصحي، ورش مبيدات حشرية بشكل مستمر عند بؤر تجمع البعوض والذباب التي تنقل هذه الأمراض من المستنقعات المائية الضحلة التي تحتوي “ضمة الكوليرا”، بالإضافة إلى تنظيف سرير النهر واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انتشار هذا المرض في المنطقة.
“مها عبد المجيد”، سيدة من مدينة ديرالزور ومقيمة في حي القصور، ذكرت أنها “باشرت منذ اللحظة الأولى التي تحدثت فيها وسائل الإعلام عن انتشار الكوليرا بمناطق قسد، بعملية تعقيم المياه التي تستخدمها في الشرب والطبخ والاستحمام وغيرها من الاستعمالات الشخصية، وذلك عبر وضع قطع من القماش عند صنابير المنزل وغلي المياه المستخدمة في الشرب والطبخ ومن ثم تبريدها”، على حد قولها.
وقالت السيدة في حديثها مع منصة SY24، “كنا نتوقع حدوث مثل هذه الأمراض في المدينة وربما نتوقع الأسوأ، بسبب الإهمال الكبير والواضح من قبل مؤسسات النظام لقطاع الخدمات والصحة، وتعمده التباطؤ بإعادة تأهيل المرافق العامة ومحطات تصفية وتحلية المياه بهدف منع الأهالي من العودة إلى منازلهم للاستيلاء عليها بمختلف الطرق”.
وأضافت أن “الكوليرا اليوم ليست عامل خطير إن تم التعامل معه بطريقة صحيحة وخاصةً مع توفر الأدوية والمحاليل الطبية الصحيحة، ولكن اليوم نخاف من انتشار أوبئة أخرى بسبب الإهمال وتلوث مياه نهر الفرات، ووجود الجثث المتحللة في بعض المناطق التي ما يزال النظام يرفض دخول الأهالي إليها مثل أحياء الرشدية والشيخ يس والعرضي”.
ويشار إلى أن آخر موجات تفشي مرض الكوليرا في سوريا كانت بين عامي 2008 و 2009 وتم تسجيل عدد من الحالات في محافظتي ديرالزور والرقة، بسبب قيام حكومة النظام بتصريف مياه الصرف الصحي في النهر بشكل مباشر دون أي عملية تصفية وتعقيم، بالإضافة إلى انخفاض معدل مياه النهر نتيجة تناقص كمية الأمطار آنذاك.
يشار إلى أن المنطقة الشرقية تعاني من ارتفاع كبير في أعداد الإصابة بهذا المرض وخاصةً مع تسجيل هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية، 16 حالة وفاة وعدد كبير من الإصابات بالكوليرا، وسط نداءات محلية للمنظمات الدولية بضرورة التدخل بسرعة للحد من انتشار هذا المرض وعدم تحوله إلى وباء يفتك بالأهالي، في ظل النقص الكبير في الأجهزة والمعدات الطبية وعدم قدرة الكوادر المحلية على مواجهة الارتفاع الكبير في عدد الإصابات في المنطقة.