أغلقت مدرسة “المتنبي” في مدينة إدلب أبوابها في وجه طلابها ومعلميها، بعد 74 عاماً من افتتاحها، عام 1948، إذ تعد واحدة من أقدم وأعرق مدارس الثانوية في المدينة وكذلك أغلق معها أربع مدارس أخرى، بسبب غياب الدعم الكافي عن قطاع التعليم وعجز التربية الحرة عن دفع رواتب المعلمين.
يعد قطاع التعليم في الشمال السوري من أكثر القطاعات تأثراً في سنوات الحرب، وسبق أن خرج عدد كبير من المدارس عن الخدمة، بسبب القصف الذي طالها بشكل جزئي أو كلي، فيما بقيت المدارس العامة في المنطقة تعمل بشكل تطوعي، دون دعم باستثناء المرحلة الأولى، ما جعل عدد آخر من المدارس تغلق أبوابها لذات الأسباب.
وفي التفاصيل التي رصدتها منصة SY24 ، تبين أن 5 مدارس من ضمنها “المتنبي” توقفت عن العمل وهي مدرسة “الثورة، حسام حجازي، العروبة، العز بن عبد السلام”، بسبب عجز سلطات الأمر الواقع، والمسؤولين في الحكومة، عن دفع رواتب للمعلمين، الذين اضطروا لترك التدريس فيها، وبالتالي توقف الطلاب عن الذهاب إليها.
أثار خبر إغلاق المدارس موجة غضب واسعة بين الأهالي والطلاب في المدينة، منتقدين عبر تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، تخلي الحكومة الحالية عن مسؤوليتها في دعم العملية التعليمية، بالوقت الذي تصب اهتمامها في إعادة صيانة ملعب ما، أو تأهيل حديقة عامة، أو إعادة ترميم الدورات العامة في الطرقات، بتكلفة بلغت آلاف الدولارات، متجاهلين دعم قطاع التعليم بشكل كامل.
يقول المدرس “أبو حسام” ابن مدينة إدلب، وأحد طلاب مدرسة المتنبي السابقين، متحسراً على إغلاق أهم وأعظم مدرسة في المنطقة، حسب قوله، إذ درس فيها خيرة الطلاب وأصبحوا أطباء ومهندسين ومعلمين ومحامين وطلبة العلم من أبناء المدينة، وتعد من أرقى المدارس في الشمال السوري، “درست فيها مرحلة التعليم الثانوي كلها، وكانت الدراسة فيها مفخرة، تعز علي اليوم أن تغلق أبوابها بوجه طلابها، تاركة مصيراً أسودا بانتظارهم “.
وأضاف في حديثه إلينا، أنه “بالتعليم وحده تنهض الأمم، وتدمير البنية التحتية له من هدم أو إغلاق المدراس هو أول خطوات الانحطاط التي ستعيشها للأجيال القادمة، إن لم يتم تدارك الأمر من قبل المعنيين، حيث عانى المعلم والطالب على حد سواء في السنوات السابقة، وأصبح التعليم رهين الداعمين الدوليين، وأصبح المعلم يعمل بشكل تطوعي رغماً عنه، لعله يأتي الدعم وينقذ الرمق الأخير من العملية التعليمة، قبل فوات الأوان”.
وفي وقت سابق سلطت منصة SY24 الضوء من خلال تقارير سابقة، عن التوجه نحو خصخصة التعليم في الشمال السوري، وأكدت أن عدد المدارس والمعاهد الخاصة تضاعف بشكل ملحوظ في العامين الماضيين ،على حساب تراجع دعم القطاع العام، الذي يعاني أساساً من ضعف في الإمكانيات، واقتصاره على الفئة الأولى فقط، غير أن التوجه نحو “خصخصة” التعليم أثار موجة غضب بين الأهالي، الذين يعانون بالأصل من ظروف مادية صعبة، لا تسمح لهم بدفع تكاليف إضافية على التعليم الخاص.
يذكر أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” ذكرت في تقريرها السنوي الصادر مطلع العام الماضي، أن “نظام التعليم في سوريا يعاني من التفكك والإجهاد الكبير، ونقص في التمويل، وعدم القدرة على تقديم خدمات آمنة وعادلة لملايين الأطفال، حيث يوجد في سوريا أكثر من 2.4 مليون طفل غير ملتحقين بالمدرسة”.