يعمل النظام السوري وعبر مؤسساته المختلفة على تقديم كافة التسهيلات لإيران، من أجل تنفيذ مشاريعها التي تهدف إلى بسط سلطتها وتقوية نفوذها في شمال شرقي سوريا، وتحويلها إلى محافظات إيرانية على غرار ما فعلته في عدد من عواصم ومدن الدول العربية المجاورة، من أجل استكمال مشروعها الرامي لتشييع أبناء هذه المناطق وتحقيق حلمها في “هلال شيعي” يمتد من طهران مروراً ببغداد ودمشق وبيروت.
المركز الثقافي الإيراني الموجود في مدينة ديرالزور، الخاضعة لسيطرة النظام السوري والميليشيات الموالية له، أعلن عن افتتاح دورات تقوية مجانية لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية للذكور والإناث، في الرياضيات واللغة العربية والانكليزية، داخل بناء المركز الكائن في حي “فيلات البلدية” بمنطقة القصور وسط المدينة.
وقالت إدارة المركز الثقافي، إنها خصصت عدد من حافلات النقل الداخلي بهدف نقل الطلاب إلى المركز ذهاباً وإياباً وبالمجان، وخاصةً أبناء قرى ريف ديرالزور القريبة من المدينة، وطلبت من مراكز توزيع المحروقات الخاصة بميليشيا الحرس الثوري الإيراني تزويد هذه الحافلات بالوقود، مع تأكيدها نيتها افتتاح دورات مشابهة داخل بقية المدن الرئيسية التي تتواجد فيها مراكز ثقافية إيرانية بريف المدينة.
وأفادت مصادر محلية، بأن المركز تعاقد مع عدد من المدرسين المعروفين داخل مدينة ديرالزور وطلبت منهم الحضور إليه لإعطاء دروس للطلبة بشكل يومي اعتبارا من الساعة الثالثة ظهراً وحتى الثامنة مساء، بهدف استيعاب العدد الكبير من الطلاب المتوقع تسجيلهم في هذه الدورات، مع وجود تعليمات بتقليل عدد الطلاب داخل الحصة الواحدة.
وأكدت المصادر، أن إدارة المركز الثقافي الإيراني تعمدت وضع حصص الطلاب في يوم واحد على أن يكون هناك فترة استراحة بين الحصص لا تقل عن ساعة، يتم فيها وضعهم داخل قاعات مغلقة ومليئة بصور قتلى قادة الميليشيات الإيرانية وبعض العبارات المقتبسة من أئمة المذهب الشيعي المعروفين، بالإضافة إلى تشغيل بعض اللطميات والأغاني الشيعية ومحاولة بعض موظفي وموظفات المركز إقناع الطلاب بالدخول بالديانة الشيعية.
وتأتي محاولات المركز الثقافي الإيراني لاستغلال الطلاب في مدينة ديرالزور، بعد فشلها سابقا في جذب هؤلاء الطلاب عبر الرحلات الترفيهية والنشاطات التي تقوم بها في المدينة، والتي سعت من خلالها لاستمالة الأهالي إلى جانبها ودفعهم إلى الاستمرار في إرسال أولادهم للالتحاق بالمركز الثقافي أو بالمؤسسات الدينية الشيعية التي تديرها في المنطقة.
“مها”، اسم مستعار لإحدى معلمات مدينة ديرالزور، ذكرت أن المركز الثقافي الإيراني بداً بالفعل بإعطاء طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية في المدينة دروس تقوية بعدد من المواد الدراسية وبالمجان، مستغلاً الظروف الاقتصادية السيئة التي يعاني منها معظم الأهالي وعدم قدرتهم على تحمل تكاليف الدروس الخاصة باهظة الثمن، معتبرين أن ذلك فرصة لهؤلاء الطلاب لكي يستفيدوا من هذه الدروس لضمان نجاحهم”، على حد تعبيرها.
وقالت المعلمة في حديثها لمنصة SY24: إن “النظام الإيراني يحاول وعبر ذراعه المتمثلة بالمركز الثقافي الإيراني نشر الديانة الشيعية بين أبناء مدينة ديرالزور السنة، مستفيداً من الأوضاع المعيشية التي يعاني منها معظم أبناء المدينة، عبر تقديمه سلالاً غذائية أو معونات مادية وعينية أو حتى تحمل تكاليف علاج بعض المرضى في الخارج، وإرسال الطلاب لإكمال دراستهم في طهران، وغيرها من الممارسات التي يسعى من خلالها لتثبيت قدمه في المنطقة وضمان استمرار مشروعه الطائفي”.
وأضافت أن “المركز الثقافي قام بالتعاقد مع عدد من المعلمين المعروفين في مدينة ديرالزور عبر سماسرة خاصة به، و أجبرهم على القدوم إلى المركز وإعطاء الطلاب دروس تقوية في بعض المواد، بالرغم من مستوى الأجور المتدني الذي قدمته لهؤلاء الأساتذة مقارنة بالمردود المالي الذي يمكن أن يجنوه حال أعطوا هذه الدروس في منازلهم”.
ويأتي ذلك، بعد أيام قليلة من إصدار مديرية التربية التابعة لحكومة النظام في مدينة ديرالزور، قراراً يقضي بمنع الأساتذة من إعطاء دروس خصوصية داخل منازلهم، أو حتى ذهابهم في درس خاص إلى منزل الطالب، وقامت بالتعاون مع أجهزة النظام الأمنية بشن حملة مداهمات طالت منازل بعض الأساتذة المعروفين في المدينة، وقامت بإخراج الطلاب من دروسهم وإجبار المعلمين على توقيع تعهد يضمن عدم عودتهم لإعطاء الدروس في المنازل.
يشار إلى أن طهران تحاول ومن خلال أذرعها المدنية والعسكرية والإغاثية، السيطرة على مدينة ديرالزور مستفيدة من الظروف الاقتصادية السيئة التي يعاني منها أبناء المنطقة، عبر قيامها بتوزيع معونات غذائية شهرية على بعض العائلات الفقيرة، مقابل حضور أبنائهم بعض الدروس الدينية داخل المراكز الثقافية المنتشرة في عدد من مدن وبلدات المنطقة، بالإضافة إلى تقديمها وعوداً للطلاب المتفوقين بإكمال دراستهم في طهران، ناهيك عن الاحتفالات والرحلات الترفيهية التي تقيمها بشكل دوري بهدف غرس الديانة الشيعية في أطفال المنطقة وضمان استمرار نفوذها فيها.