عاودت تجارة “الخردة” المستخلصة من الأبنية الموجودة في الأحياء التي دخلتها قوات النظام والميليشيات الإيرانية والمحلية المساندة لها في مدينة ديرالزور، عقب انسحاب تنظيم داعش منها أواخر عام 2017، للظهور مرة أخرى على السطح بعد توقف استمر لعدة أشهر بسبب “التغيرات الجذرية في السيطرة على المدينة.
حيث باشرت مجموعات مدنية محلية تعمل لصالح ميليشيا الفرقة الرابعة في جيش النظام بالعمل على جمع الحديد من الأبنية المدمرة في أحياء “الشيخ يس والعرضي والحويقة”، ونقل كل ما يتم جمعه إلى مستودعات خاصة موجودة في حي “هرابش” المحاذي لمطار ديرالزور العسكري تمهيداً لنقلها خارج المدينة عبر شاحنات مدنية ودون حماية عسكرية.
عمليات جمع “الخردة” جاءت بعد قرار للجنة الأمنية والعسكرية في مدينة ديرالزور منعت بموجبه عمليات استخراج الحديد من الأبنية المدمرة، وهددت كل من يقوم بذلك بالاعتقال ودفع غرامة مالية مالية، الأمر الذي أثار غضب واستياء قادة ميليشيا الدفاع الوطني وعناصرها الذين كانوا يعملون في تجارة “الخردة” طوال السنوات التي تلت انسحاب تنظيم داعش من المدينة.
مصادر محلية تحدثت عن وضع قيادة ميليشيا الفرقة الرابعة يدها على تجارة “الخردة” عبر تجنيدها العشرات من شباب وأطفال المدينة المشردين، ودفعهم للعمل بجمع الحديد والبلاستيك وغيرها من المواد القابلة لإعادة التدوير من جميع أحياء المدينة بما فيها غير المدمرة، مقابل حصولهم على يومية لا تتجاوز 5000 ليرة لمن هم دون الـ 14 من عمرهم، فيما يتم دفع أكثر من 10 آلاف ليرة للشباب الأكبر سناً والذين يديرون عمليات التجميع والنقل.
المصادر ذاتها أكدت لمنصة SY24 أن عمليات تجنيد الشباب والأطفال تتم عبر سماسرة محليين وبأوامر مباشرة من بعض الضباط داخل ميليشيا الفرق الرابعة مع اعطاء هؤلاء العمال حق الدخول الى جميع الأحياء التي يمنع دخول المدنيين إليها بشكل تام دون تقديم أي أوراق تثبت هذه الأوامر خوفا من تسريبها لوسائل الإعلام.
في الوقت الذي أوضحت فيه هذه المصادر قيام ميليشيا الفرقة الرابعة بنقل كل ما يتم جمعه إلى خارج المدينة عبر شاحنات نقل ضخمة مملوكة لأشخاص مدنيين دون توفر أي حماية عسكرية لها، وذلك خوفاً من تعرض هذه الأرتال لهجمات من قبل خلايا تنظيم داعش على غرار الهجمات التي تستهدف قوافل نقل النفط التابعة لشرطة “القاطرجي” القادمة من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شرقي سوريا.
بينما أثارت هذه القرارات استياء قيادة ميليشيا الدفاع الوطني الذين كانوا يسيطرون على تجارة “الخردة” في المدينة لسنوات طويلة بالتعاون مع ضباط الأمن العسكري، والذين وفروا لهم الغطاء الكامل للدخول إلى جميع أحياء المدينة، ونقل كل ما يتم جمعه إلى مدن دمشق وحلب واللاذقية تمهيداً لتصديرها خارج البلاد أو إعادة تدويرها في المصانع المحلية.
والجدير بالذكر أن أحياء مدينة دير الزور شهدت أكبر علمية تعفيش وسرقة قامت بها هذه الميليشيات وبشكل ممنهج، طالت كل ما يمكن جمعه من حديد وأسلاك وكابلات كهربائية حتى المتواجدة داخل جدران المنازل، بالإضافة إلى قيامهم بخلع الأبواب والنوافذ الحديدية والخشبية وكل ما يمكن جمعه أو الاستفادة منه، مع وجود معلومات عن قيام هذه الميليشيات بحرق عدد من المنازل بعد تعفيشها بشكل كامل، وخاصة منازل المعارضين المعروفين مثل رئيس الوزراء رياض حجاب وبعض الضباط المنشقين عن جيش النظام.