شهدت مدينة الميادين إقامة المباراة النهائية بين فريقي “القورية ومحكان” ضمن بطولة الأحياء الشعبية لكرة القدم في محافظة ديرالزور والتي نظمها المركز الثقافي الإيراني في المدينة، وذلك بمشاركة عدد من الفرق المحلية لقرى وبلدات الريف الشرقي وسط تشديد أمني كثيف حول الملعب، وتفتيش دقيق للحضور ومنعهم من تصوير المباراة بأجهزة المحمول أو حتى استخدامها.
المباراة التي أقيمت في ملعب محلي تم تجهيزه قبل مدة على نفقة المركز الثقافي الإيراني شهدت حضور كلاً من رئيس المركز في الميادين، مع عدد من قادة الميليشيات الإيرانية وبعض ضباط جيش النظام وقادة أجهزة الأفرع الأمنية، بالإضافة إلى عدد كبير من جمهور الفريقين الذين قدموا إلى المدينة على نفقة الميليشيات الإيرانية.
مصادر محلية تحدثت عن تعليمات من قيادة المركز الثقافي الإيراني في مدينة ديرالزور تم إصدارها لجميع فروع المركز في قرى وبلدات الريف الشرقي والغربي، بضرورة إقامة بطولات ومهرجانات رياضية بشكل مستمر في المنطقة ودفع كافة تكاليف هذه البطولات من مواصلات وطعام وإقامة وحتى علاج، في محاولة منها “استقطاب الشارع الرياضي في مناطق سيطرتها بالمحافظة والسيطرة على هذا القطاع بشكل كامل”.
وقالت المصادر ذاتها، إن المركز الثقافي الإيراني أعطى تعليمات إضافية بإنشاء فرق محلية تابعة له في كل من مدن ديرالزور الميادين والعشارة والقورية والبوكمال والخريطة و الشميطية، وإدراجها ضمن البطولات الرياضية المحلية التي تقام في المحافظة، مع تخصيصها رواتب ثابتة للاعبي هذه الفرق وإعطائهم بطاقات خاصة لضمان عدم تعرضهم لأي مضايقة من قبل الحواجز العسكرية المنتشرة في المنطقة.
وجاءت هذه البطولات في وقت تشهد فيه المنطقة استهدافات متكررة لمواقع المليشيات الإيرانية العسكرية من قبل طيران مجهول الهوية يعتقد أنه إسرائيلي، موقعاً عشرات القتلى والجرحى في صفوفها مع خسائر كبيرة في العتاد العسكري والذخيرة والبنى التحتية لهذه الميليشيات، ما دفع عدد كبير من منتسبيها للتخلي عنها والهرب باتجاه مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” على الضفة المقابلة لنهر الفرات، أو للتطوع لدى الميليشيات الروسية.
“بلال المحمد”، أحد أبناء مدينة ديرالزور ولاعب كرة في إحدى البطولات المحلية، ذكر أن “المركز الثقافي الإيراني في مدينة الميادين قد قدم جوائز عديدة للاعبي فريقي محكان والقورية في المباراة النهائية، والتي شهدت حضور رسمي كبير جداً استغرب منه الجميع، ما دفع البعض إلى التفكير جدياً باللعب في صفوف فرق الأحياء الشعبية أملاً بالحصول على وظائف ومنح دراسية تقدمها الميليشيات الإيرانية”، على حد قوله.
وفي حديثه لمراسل منصة SY24 في مدينة ديرالزور، قال اللاعب: إن “الوضع المعيشي السيئ الذي يعاني منه أغلب شباب المدينة دفعهم إلى التمسك بأي فرصة تأتيهم للهرب من هذا الواقع المرير الذي يعانون منه، وحالياً تتمثل هذه الفرصة في اللعب مع فرق الأحياء الشعبية ضمن البطولات التي تقيمها المراكز الثقافية الإيرانية في المحافظة، على أمل حصولهم على منح دراسية خارج سوريا، أو على الأقل حصولهم على مكافآت مالية تساعدهم في تحسين أوضاعهم الاقتصادية دون الحاجة للقتال بجانب هذه الميليشيات أو حمل السلاح أو تغيير معتقداتهم الدينية”.
وأضاف “لكن يبدو أن للإيرانيين رأيٌ آخر في ذلك، فهم يحاولون إقامة فعاليات وبطولات رياضية وترفيهية للشباب والأطفال وحتى النساء لاستقطاب أكبر عدد منهم إلى جانبهم وتحويل معتقداتهم وإجبارهم على اعتناق المذهب الشيعي، مطالبين من يرفض ذلك بشكل علني بالامتناع عن حضور هذه الفعاليات مع قطعهم كامل المساعدات المالية والغذائية التي كانوا يقدمونها له سابقاً”.
وتسعى إيران عبر أذرعها العسكرية والثقافية والإغاثية استغلال الأوضاع الاقتصادية للأهالي لتحقيق أهدافها الطائفية، وذلك عبر تقديم العديد من المغريات لهم إن كان عبر النفوذ والسلطة التي تمنحها لعناصر ميليشياتها المسلحة المتواجدة في المنطقة، أو عبر المساعدات الإغاثية التي تقدمها منظماتها للعائلات، أو عن طريق إقامة فعاليات ونشاطات ترفيهية للأطفال والشباب والنساء ضمن أعمال المراكز الثقافية الإيرانية المنتشرة في عدد من مدن وبلدات المنطقة.