مع أولى الهطولات المطرية على محافظة الرقة شمال شرق سوريا، بدأت معاناة قاطني المخيمات العشوائية المنتشرة في اي الريف الجنوبي والشرقي بالظهور مرة أخرى، نتيجة تعرض خيام النازحين لأضرار كبيرة ناجمة عن الرياح القوية التي اقتلعت معظمها من مكانها، أو بسبب المياه التي تتسرب إلى داخلها مسببةً تلف الأثاث المنزلي وبعض الأجهزة الكهربائية التي يمتلكونها.
حيث يضطر أهالي المخيمات العشوائية للمبيت في العراء لأكثر من يوم ريثما يعيدون بناء خيامهم التي باتت تتكون الآن من أكياس قماشية تستخدم لحفظ الخضروات، بالإضافة إلى بعض الأغطية السميكة بعد تغطيتها بقطع من أكياس البلاستيك والشوادر، في محاولة منهم توفير أكبر قدر ممكن من العزل ضد برد الشتاء وحر الصيف، وحماية أنفسهم وأثاثهم من مياه الأمطار التي قد تتسرب إلى الداخل.
ويتواجد في ريف مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” قرابة 60 مخيم عشوائي يعيش فيه نحو 90 ألف نسمة غالبيتهم من النساء والأطفال، في ظروف توصف بالسيئة نتيجة عدم حصولهم على أي دعم من قبل المنظمات المحلية والدولية، بالإضافة إلى عدم اعتراف “الإدارة الذاتية” بهذه المخيمات بشكل رسمي ومطالبتها قاطنيها بالرحيل عنها وإغلاقها بشكل مستمر.
وتتجدد معاناة هؤلاء النازحين مع امتناع مؤسسات “الإدارة الذاتية” عن توفير المساعدات لهم أو تقديم المحروقات والخبز بشكل مجاني أو بسعر مدعم كما يتم مع باقي المخيمات النظامية التي تشرف عليها، ما تسبب بمعاناة قاطني هذه المخيمات في توفير وسائل التدفئة لهم ولأطفالهم في ظل ارتفاع أسعار المحروقات.
“محمد”، شاب من ريف الرقة وأحد سكان المخيمات العشوائية في ريفها، ذكر أن “الوضع المعيشي داخل المخيمات بات لا يطاق كون معظم قاطنيها هم من النساء والأطفال الذين لا يملكون أي معيل لهم، ما اضطر عدد كبير منهم للعمل في مهن التسول أو تنظيف المنازل أو بيع البسكويت على الطرقات وغيرها من المهن البسيطة التي لا توفر ما يكفيهم لشراء الطعام والدواء وباقي المستلزمات الضرورية في ظل غلاء المعيشة الحالي”، على حد قوله.
وقال في حديثه مع مراسل منصة SY24 في مدينة الرقة، إن “رحلة الأهالي تبدأ كل يوم صباحاً مع خروجهم للبحث عن أي مادة تستعمل في التدفئة إن كان حطباً أم أخشاباً عادية او حتى قطع قماشية واحذية قديمة، أملاً منهم في توفير أكبر قدر ممكن من الدفئ داخل الخيام المهترئة التي يعيشون فيها منذ أكثر من 7 سنوات”.
وأضاف أن “معاناة النازحين تزداد بعد كل هطول مطري تشهده المنطقة وإن كان بسيطاً لأن المياه تتسرب إلى داخل الخيم وتتلف الأثاث القليل الذي يملكونه، ناهيك عن تسبب الرياح باقتلاع بعضها عن بكرة أبيها ما قد يدفع العائلات لتقاسم الخيام المتبقية لتمضية بضع ليال قبل ان ينتهوا من صيانتها، أو تضطر فيه العائلات الكبيرة للمبيت في الشارع أو تقسيم أفرادها على أكثر من خيمة”.
والجدير بالذكر أن معظم قاطني المخيمات العشوائية المنتشرة في ريف الرقة ينحدرون من المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية الداعمة له في الرقة ودير الزور وحمص وحماة، ويعيشون في هذه المخيمات منذ قرابة 7 سنوات ويعانون من ظروف معيشية صعبة نتيجة عدم توفير أي مساعدات غذائية وإنسانية لهم، وعدم تواجد أي نقاط طبية أو صحية في ظل انتشار الأمراض والأوبئة مثل الكوليرا التي تفشت بشكل كبير بين قاطني هذه المخيمات.