استغلال كبير لملف المعتقلين/ت في سجون النظام السوري، عقب مراسيم العفو الوهمية التي استغلها النظام كـ “بروباغندا” لتلميع صورته أمام الرأي العام الخارجي، في حين أن عدد الذين خرجوا بالعفو لم يتجاوز 500 شخص من المعتقلين، ومعظمهم بتهم جنائية، خارج حركة الاحتجاجات التي نشبت عام 2011.
على ضوء إثارة ملف المعتقلين في آذار الماضي، برزت إلى الواجهة عشرات حالات الاستغلال التي مُني بها أهالي وذوي المعتقلين، من أصحاب النفوس الضعيفة والنصابين وسماسرة الحروب والأزمات، منهم من هو من ضباط الأفرع الأمنية للنظام، ومنهم محامين، ومنهم نصابين همهم جمع الأموال على حساب آلام الناس.
مصدر خاص في رابطة المحامين السوريين الأحرار، قال في حديث خاص لـ مراسلتنا، إنه تم توثيق عشرات بل مئات حالات استغلال الناس من ذوي المعتقلين/ت، خلال الفترة الماضية عقب إصدار مرسوم العفو المزعوم، مؤكداً أن الرابطة سجلت تلك الحالات وحذرت بشكل كبير الأهالي من عدم الانجرار وراء الأشخاص المجهولين في البحث عن أولادهم المعتقلين.
وعن آلية النصب والاستغلال، بين المصدر بشكل مفصل الطريقة المتبعة في كسب ثقة الأهالي، بإبراز معلومات صحيحة ودقيقة عن المعتقل، من قبل الشخص المستغل، بعد أن يكون قد جمع تلك المعلومات من صفحات التواصل الاجتماعي، أثناء عملية البحث الدقيقة، حيث يكون ذوي المعتقل قد نشروا بيانات الشخص واسمه ومعلومات مفصلة عنه بهدف العثور على شخص قد كان معه في المعتقل، فيتم أخد تلك التفاصيل كاملة، للمفاوضة عليها.
وأضاف أنه يستطيع هذا الشخص المستغل إخراج بيان عائلي بتكلفة ألف ليرة سورية فقط من دائرة النفوس في المراكز الحكومية بسهولة، بناء على المعلومات لديه، وبذلك يحصل على تفاصيل جديدة ودقيقة حول الشخص توهم الأهل أن كلامه صحيح وأنه على معرفة بالمعتقل.
هذا ماحدث مع “نسرين” 27 عام من ريف دمشق، بعد بحثها عن معلومات حول زوجها المعتقل منذ 2013، من حي القدم بدمشق، تقول في حديث خاص إلينا :” الغريق يتعلق بقشة، وأنا مستعدة لدفع كل ما أملك لخروج زوجي من المعتقل، أو حتى معرفة مصيره، ولكني تعرضت للاستغلال المادي من قبل شخص مجهول ادعى أنه على معرفة بزوجي أيام الاعتقال ويستطيع من خلال محامي يعرفه إخراج زوجي مقابل مبلغ 20 ألف دولار.
صدقت” نسرين” كل ماقاله الشخص، بعد أن أخبرها بتفاصيل حصل عليها من صفحتها الشخصية على الفيسبوك، أثناء نشرها عنه، وبدأت بإرسال المبلغ على دفعات، إلى أن اكتشفت زيف قوله، وأنها كانت ضحية مثل آلاف الضحايا لعمليات النصب والاحتيال.
“نسرين” واحدة من آلاف الحالات التي تم توثيقها في مجلس المعتقلين والمعتقلات السوريين، ورابطة المحامين السوريين الأحرار أيضا، حيث أكد المصدر أن مثل هذه الحالة تكررت كثيراً في الفترة الأخيرة.
كذلك ساهمت الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، باستغلال ذوي المعتقلين بشكل كبير، وإحدى الطرق كما وضحها المصدر، حسب ما ورد إليهم من حالات، الادعاء على منصات التواصل بأن الشخص معتقل وأفرج عنه منذ فترة، وهو مستعد للتواصل مع أي أحد للسؤال عن أي شخص معتقل، و إعطائه معلومات عنه، وهل ما يزال على قيد الحياة.
وهنا يتم الاتفاق مع شخص آخر يمثل دور المحامي أو ضابط أمن، للمساعدة في إخراج المعتقل، من خلال أرقام وهمية ومعلومات عامة تجسد حالة جميع المعتقلين، للبدء بسحب مبالغ مالية كبيرة ثم إغلاق الأرقام والتهرب من الأهالي بعد أن يكون قد استغلهم بما فيه الكفاية.
وأحياناً يكون المستغل ضابط معروف وله مكانته في الأفرع الأمنية، وعند اكتشاف أمره، يقوم بتهديد ذوي المعتقل بالسكوت أو الاعتقال والقتل فوراً، ما يجعلهم يصمتون دون الجرأة على محاسبته أو فضح أمره.
وقبل يومين كشف تقرير لـ صحيفة “الغارديان” أن مراسيم العفو التي أصدرها النظام السوري خلال السنوات الماضية، لا تعدوا كونها مسرحيات هزلية، فهي لم تشمل سوى أعداد محدودة للغاية من المعتقلين، في حين تم الترويج لها على أنها أعمال خيرية من قبل رأس النظام، ولم تؤثر على الأعداد الضخمة التي ما تزال محتجزة في السجون.
وذكرت الصحيفة عن تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان أن قرارات العفو على مدار 10 سنوات لم تفرج سوى عن أقل من 6 في المئة من المعتقلين، مع بقاء حوالي 136 ألف شخص في السجون والمعتقلات، فيما أكد ناشطون من المعارضة أن الأعداد الحقيقة للمعتقلين هي أضعاف هذه الأرقام.