امتنع عدد من أهالي ريف ديرالزور الشرقي، الخاضع لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، عن شراء بعض أنواع الأدوية وبالذات الخاصة بالأطفال، بعد تداول ناشطين محليين أخباراً عن وفاة طفلين من بلدة “الشعفة” عقب تناولهما شراب خافض للحرارة يعتقد أن صلاحيته كانت منتهية.
ذوي الطفلين وأهالي البلدة اتهموا أصحاب الصيدليات المحلية بشراء الأدوية منتهية الصلاحية بكميات كبيرة وبيعها للأهالي، بعد تعديل تاريخ صلاحيتها عبر وضع ملصقات جديدة أو مسح الملصقات القديمة، الأمر الذي تسبب في حدوث عدة حالات تسمم دوائي وخاصة بين الأطفال.
وتحدثت مصادر محلية عن وجود صفقات أدوية ضخمة تمت بين مجموعة من صيادلة المنطقة وأصحاب المستودعات الطبية في مناطق سيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية في ديرالزور، تنص على توريد أنواع معينة من الأدوية منتهية الصلاحية أو التي ستنتهي صلاحيتها بعد فترة وجيزة بأسعار مخفضة.
وقالت المصادر ذاتها، إن عمليات تهريب الدواء تتم دون علم لجنة الصحة التابعة لـ “الإدارة الذاتية”، الجهة المدنية التي تدير مناطق شمال شرق سوريا، وذلك بالاستعانة بالمهربين المنتشرين عند المعابر النهرية غير الشرعية في ريف ديرالزور الشرقي، وبالتعاون مع بعض قيادات “قسد” وميليشيا الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام السوري لتسهيل عملية عبور الأدوية.
ويتعمد أصحاب المستودعات في مناطق النظام، إرسال بعض أنواع الأدوية إيرانية المنشأ ضمن شحنات الأدوية مخفضة السعر، وإجبار الصيدليات بريف ديرالزور على شرائها بالكامل بهدف تصريفها في السوق المحلي، بعد أن رفض أبناء المدينة شرائها لجهلهم بمكوناتها وتخوفهم من تعرضهم لأعراض جانبية قد تسبب لهم مشاكل صحية تضاف إلى معاناتهم.
وتعد ظاهرة الأدوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية في مناطق سيطرة “قسد” شمال شرق سوريا من أخطر الظواهر التي تهدد حياة سكان المنطقة، وخاصةً في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها سكان المنطقة، وعدم قدرتهم على مراجعة الأطباء في العيادات الخاصة لارتفاع أجور المعاينة، ما يدفعهم لشراء الأدوية بشكل مباشر من الصيدليات دون وصفات طبية.
“أحمد الحسين”، أحد أبناء مدينة الشحيل في ريف ديرالزور الشرقي، أكد أن “معظم الصيدليات المتواجدة في المنطقة تتعامل مع المهربين المتواجدين عن المعابر النهرية غير الشرعية، بهدف إيصال الأدوية من مناطق النظام وبيعها في صيدلياتهم دون إخضاعها لأي فحوص واختبارات تثبت صلاحيتها للاستعمال البشري”، على حد تعبيره.
وقال الشاب في حديثه لمنصة SY24: “عملت لدى إحدى الصيدليات لمدة لا تتجاوز الشهر، إلا أنني استطعت اكتشاف كمية المخالفات المرتكبة داخلها وداخل بقية الصيدليات الموجودة في المنطقة، والتي تعتمد على تهريب الأدوية منتهية الصلاحية من مناطق النظام وبيعها للأهالي بأسعار مخفضة لتحقيق أرباح طائلة، مستغلين الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها أهالي المنطقة”.
وأضاف أن “بعض أصحاب الصيدليات والعاملين فيها يؤكدون أن بيع الأدوية منتهية الصلاحية منذ فترة قريبة لا يشكل خطراً على حياة الأهالي، وخاصةً الأدوية العادية مثل المسكنات والمراهم والمضادات الحيوية، معتبرين أن فعاليتها تستمر بعد انتهاء مدة الصلاحية المسجلة على العبوة ب 6 أشهر على أقل تقدير”.
من جهتها، قالت لجنة الصحة في مجلس ديرالزور المدني، إن دورياتها ما تزال مستمرة لضبط عمل الصيدليات في المنطقة ومصادرة الأدوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية وتحرير مخالفات بحق أصحابها، بالإضافة إلى تقديمها العديد من البلاغات إلى قيادة “قوات سوريا الديمقراطية” ومجلس ديرالزور العسكري بهدف ضبط حركة المعابر ومنع إدخال الأدوية من مناطق النظام بشكل تام وخاصة الإيرانية والعراقية واللبنانية، وذلك لعدم وجود أي معلومات حول منشئها وتركيبها وتاريخ صلاحيتها.