افتتحت مديرية الأوقاف التابعة للنظام السوري في ديرالزور دورات جديدة لتحفيظ القرآن الكريم في المدينة والريف المحيط بها، وذلك داخل المساجد والمعاهد الخاصة بتدريس القرآن الموجودة في المنطقة وتخصيصها للأطفال تحت عمر 12 عاما، وقامت بتوزيع منشورات ورقية عبر أئمة الجوامع على المواطنين بعد صلاة الجمعة لحث الأهالي على إرسال أولادهم إلى هذه الدورات.
مديرية أوقاف النظام، قالت إن الغرض من هذه الدورات هو “نشر العقيدة الإسلامية الصحيحة بين الأطفال والقائمة على التسامح الديني”، والابتعاد عن ما أسمته بـ “التعصب والتطرف”، بالإضافة إلى تخصيصها هدايا للمتفوقين في هذه الدورات وقيامها بالتكفل التام بكافة مصاريفهم الدراسية.
وذكر العديد من أبناء المحافظة، أن هذه الدورات جاءت بإيعاز كامل من مدير المراكز الثقافية الإيرانية في مناطق سيطرة النظام بمحافظة ديرالزور، وتعهده بتحمل كافة المصاريف المالية لهذه الدورات وأيضاً قيمة الجوائز المالية المقدمة للطلاب المتفوقين، بالإضافة إلى قيام المركز بتوزيع قرطاسية ومصاحف وكتب دينية على هذه المراكز وتزويدها بالمدافئ والمحروقات وغيرها من المستلزمات الأساسية.
وتقدم المراكز هذا الدعم بهدف استمالة الأطفال لصالحهم واستخدام هذه الدورات لنشر الفكر الشيعي بينهم تدريجياً، وذلك بعد الرفض الكبير الذي لاقته المراكز الدينية التي افتتحتها الميليشيات الإيرانية في مدينة ديرالزور والريف المحيط بها، عقب امتناع الأهالي على إرسال أطفالهم إلى هذه الدورات، أو قيام بعض الأطفال بحضورها فقط من أجل الحصول على المساعدات الغذائية والعينية ورفضهم في وقت لاحق جميع الأمور الطائفية التي تسعى طهران لنشرها في سوريا.
وكانت قيادة المركز الثقافي الإيراني في مدينة دير الزور، قد طلبت من مديرية أوقاف النظام في المدينة تغيير عدد من أئمة المساجد والموظفين القائمين عليها واستبدالهم بأشخاص تابعين لها و معتنقين للمذهب الشيعي، لبسط سيطرتها عل هذه الجوامع والتغلغل بشكل تدريجي داخل مجتمع المدينة المحافظ، مع تعدها بدفع رواتب هؤلاء الأئمة بشكل كامل والتكفل بمصاريف الجوامع التي يتم توظيف أتباعها فيها، مع التشديد على ضرورة تغيير أسماء هذه المساجد للتوافق مع عقيدتهم.
“غادة” معلمة مدرسة ابتدائية ومقيمة في حي القصور بمدينة ديرالزور، جددت رفضها إرسال أطفالها إلى أي دورات مجانية وغير مجانية تقيمها مؤسسات النظام في المدينة، وذلك لمعرفتها أن “للميليشيات الإيرانية يد بهذه الدورات مع تدخلها في كل شاردة وواردة بالمدينة وسيطرتها على مفاصل الحياة فيها”، على حد تعبيرها.
وفي حديثها لمراسلة منصة SY24 في ديرالزور، قالت إن “أفضل تدريس أطفالي في المنزل على إرسالهم للدورات المجانية التي تقيمها المراكز الثقافية الإيرانية في المدينة، لأننا نعلم ما الغرض من وراء هذه الدورات وماذا تريد طهران من صرف مبالغ طائلة عليها، لأننا رأينا في أكثر من مناسبة من هم الأطفال الذين تعلموا في هذه المراكز وماذا أصبحوا لاحقاً”.
وأضافت أن “التدخل الإيراني حول المدينة الى ما يشبه المحافظة الإيرانية، ولا نستبعد أن تقوم هذه الميليشيات بنقل جهاز شرطة الأخلاق الموجود في طهران، والمتهم بارتكاب جرائم ضد المواطنين، إلى المدينة وفرضه قواعد وقوانين طهران على المواطنين والتضييق على النساء وفرض لباس معين عليهم ومنعهم من الدراسة والعمل وغيرها من الممارسات التي تقوم بها هذه الشرطة في طهران، والتي كانت آخر ضحاياها الفتاة الإيرانية مهسا أميني”.
ولا تزال الميليشيات الإيرانية تسعى عبر المراكز الثقافية التابعة لها، للسيطرة على مدينة ديرالزور والريف المحيط بها دينياً واجتماعياً وعقائدياً بشكل كامل، وتغيير ديمغرافية المنطقة عبر نشر الفكر الشيعي بين الأهالي وخصوصاً الاطفال، مستغلةً الأوضاع الاقتصادية السيئة لهم وحاجة عدد كبير من العائلات إلى معونات غذائية مستمرة، وبالذات تلك التي فقدت معيلها بفعل العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة.
فيما يحاول أهالي المدينة مقاومة هذه الممارسات بكافة الوسائل المتاحة لهم عبر منعهم أطفالهم من الالتحاق بكاف الدورات التعليمية المجانية التي أقامتها المراكز الثقافية الإيرانية في المدينة، بالإضافة إلى الامتناع عن حضور الحفلات التي تقيمها هذه المراكز في حديقة كراميش والحديقة المركزية في شهر رمضان وأثناء العطل والمناسبات الدينية العامة، والتي تهدف من ورائها نشر المذهب الشيعي بين الأهالي وبسط نفوذها على المنطقة بشكل كامل والسيطرة على ثرواتها.