تتعالى الأصوات من داخل الشمال السوري محذرة المجتمع الدولي والأمم المتحدة من الرضوخ للابتزاز الروسي، والقبول بعدم تمديد القرار المتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة عبر معبر باب الهوى الحدودي.
ووصل الأمر بالاتحاد الأوروبي للتضامن مع مطالب القاطنين في الشمال السوري، حيث نشر عبر معرفاته ومنصاته الخاصة بالشأن السوري نداء تحت عنوان “أبقوا معبر باب الهوى مفتوحاً”.
وأضاف في 10 كانون الثاني/يناير الجاري 2023، سينتهي التفويض الاستثنائي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لإيصال المساعدات الإنسانية عبر آخر معبر حدودي متبقٍ إلى شمال غرب سوريا.
وتابع “يدعو الاتحاد الأوروبي إلى تمديد هذا التفويض لضمان وصول المساعدات الإنسانية، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أسوأ أزمة اقتصادية وإنسانية منذ بداية الصراع”.
وحول أسباب المخاوف الأوروبية وحتى من الداخل السوري من احتمالية استمرار الضغط الروسي على مجلس الأمن لمنع إدخال المساعدات عبر باب الهوى بل من مناطق النظام، قال الكاتب والمحلل السياسي “أحمد مظهر سعدو” لمنصة SY24، إن “المسألة مهمة للغاية ولابد من التحرك الدولي الأكثر جدية لإنجاز مسألة إدخال المساعدات، لما لها من أهمية قصوى تطال مصير ما ينوف عن 4 ملايين إنسان سوري يعيشون في أوضاع معيشية الله وحده يعلم مدى قساوتها ووقعها على حيوات هؤلاء الناس”.
وأضاف “يستمر الروس والنظام السوري ومعهم إيران في فرض حصار خانق على كل الصعد، يهدد حياة السوريين ويطبق على أرواحهم ويجعلهم لا يلوون على شيء”.
وزاد موضحاً “أنا هنا أود أن أقول أن العبء الأكبر يفترض أن يقع على الدول العربية قاطبة التي تتفرج على هذه المقتلة المعيشية والغذائية دون حراك، بل يهرول البعض منهم لإعادة نظام القتل الأسدي إلى الجامعة العربية”.
واعتبر أن “الاتحاد الأوروبي يعلي من صوته لكن دون اتخاذ إجراءات ملموسة تساهم في حل هذه المعضلة التي يبدو أنه لابد من حلها خارج إطار الأمم المتحدة، والدول الغربية والإقليمية قادرة على ذلك فيما لو أرادت، وهناك الكثير من الأبواب التي يمكنها أن تكون حلا بديلا، لكن في الواقع هناك عجز وتعاجز أوروبي وعالمي وتخلي واضح عن حياة السوريين حتى راح الناس يتندرون على أيام سلفت يوم كان هناك أصدقاء للشعب السوري”.
وفي سياق متصل، قال فريق “منسقو استجابة سوريا” في بيان، إنه “بالتزامن مع انتهاء التفويض الأممي الخاص بإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2642 /2022 ، تحرك عدد من الدول ضمن مجلس الأمن الدولي لدعم آلية جديدة لتمويل المساعدات الإنسانية تحت مسمى (انصاف)، وهي أحد الخيارات التي طرحتها الدول في حال في عدم التوصل لقرار جديد لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، حيث سيتم إدارة التمويل من قبل شركة بريطانية، في حال عدم التوصل لاتفاق جديد ضمن مجلس الأمن الدولي لدخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود”.
وبيّن أن “الآلية الجديدة تثبت عجز المجتمع الدولي أمام روسيا للحصول على قرار جديد لدخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود وهو تمهيد مباشر لعدم تجديد الآلية العابرة للحدود خلال الفترة القادمة، كما تثبت تهرب المجتمع الدولي والدول المانحة من عمليات التمويل التي أعلنت عنها في مختلف الاجتماعات وأبرزها مؤتمرات بروكسل”.
وفي هذا الصدد قال الخبير الروسي المهتم بالشأن السوري “ديمتري بريدجة” لمنصة SY24، إن “روسيا ترى بأن دخول المساعدات عبر معبر باب يساعد ما يسميه الكرملين بـ (التنظيمات الإرهابية والمجموعات الأخرى التابعة للمعارضة المسلحة) بالحصول على الدعم، لذلك روسيا ترفض مسألة دخول المساعدات عبر باب الهوى أو عبر مناطق تسيطر عليها مجموعات مختلفة ليست لها علاقة مع دمشق، وترى أنه يجب أن تصل المساعدات عبر دمشق والتي تعتبرها روسيا أنها الممثل الوحيد لسوريا ولأي شؤون داخلية تتعلق بسوريا والملفات الأخرى ومنها ملف المساعدات الإنسانية”.
ورأى أن الموقف الروسي هو “نوع من الضغط على تركيا وعلى المجموعات التي تسيطر على الشمال السوري، ولذلك نرى الإصرار الروسي على الضغط لمنع وصول المساعدات عبر باب الهوى”.
وأنذرت الجهات الإنسانية والإغاثية العاملة شمالي سوريا من تبعات “كارثية” في حال لم يتم إدخال المساعدات، لتتزامن تلك التحذيرات مع أزمة جديدة تعاني منها مناطق شمال غرب سوريا تضاف إلى العديد من الأزمات الموجودة في المنطقة، والمتمثلة بانقطاع الدعم عن عشر منشآت طبية، إضافة إلى توقف الكلف التشغيلية لعدد من المنشآت الأخرى، تقدم خدماتها لأكثر من مليوني مدني مقيمين في المنطقة إضافة إلى المخيمات، وسط تزايد المخاوف من توقف منشآت أخرى جديدة.
وحسب المصادر ذاتها، فإن عدم إدخال المساعدات سيؤدي إلى حرمان أكثر من 2 مليون نسمة من المساعدات الغذائية سواء عن طريق برنامج الأغذية العالمي أو عن طريق المشاريع المنفصلة عن البرنامج، إضافة إلى حرمان أكثر من 2.65 مليون نسمة من الحصول على المياه النظيفة أو الصالحة للشرب، وخاصةً مع التخفيضات الجديدة ضمن قطاع المياه من قبل المنظمات داخل مخيمات النازحين، وغيرها من الأمور المعيشية والاقتصادية التي سوف تتأثر بشكل سلبي في حال لم يتم التحرك دولياً وأممياً في هذا الإطار.