تفيد الأنباء الواردة من مناطق سيطرة النظام السوري، بأن المصرف المركزي التابع له عمّم وبشكل عاجل على كل شركات الحوالات المالية الداخلية، بتحديد سقف الحوالات المسموح به يومياً للشخص الطبيعي أو الاعتباري سواء كان مرسلاً أم مستفيداً بمبلغ مليوني ليرة سورية.
وأكد محللون اقتصاديون أن هذا الأجراء يؤكد حجم المخاوف لدى النظام وقطاعاته المصرفية، من الانهيار المتسارع لليرة السورية مقابل الدولار.
وأشارت شركات الحوالات المالية الداخلية في بيانات صادرة عنها، إلى أنه تم رفع سقف الحوالات المسموح بها يوميا من 1 مليون إلى 2 مليون ليرة سورية.
وكان اللافت للانتباه أن هذا التعميم بقي داخليا لدى شركات الحوالات، ولم يتم نشره على منصات المصرف السوري المركزي.
وتزامن هذا التعميم مع تحديد المصرف المركزي سعر صرف الدولار وفق نشرته الرسمية، بـ4522 ليرة لكل دولار بعدما كانت 3015 ليرة، كما حدد المصرف سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار للحوالات الشخصية الواردة من الخارج بـ 4500 ليرة سورية للدولار الواحد.
وحول ذلك قال الخبير الاقتصادي “محمد حاج بكري” لمنصة SY24 إن “البنك المركزي السوري يعاني من عجز في العملات الأجنبية وخاصة الدولار، وهناك تراجع كبير في دولار التصدير والحوالات ولم يعد قادرا على تلبية متطلبات تمويل الاستيراد، مما أدى إلى نقص حاد في المواد الضرورية الأساسية وبالتالي ارتفعت أسعارها بشكل كبير”.
وأضاف أنه كان لابد من تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، لزيادة مخزونه من الدولار لتمويل على الأقل استيراد القمح والطحين وتشغيل ما تبقى من القطاع الخاص ومصانعه، حسب تعبيره.
وأعرب عن اعتقاده بأن هذا الرفع سيكون له أثر طفيف، فهناك انخفاض ملحوظ في الحوالات الخارجية بالإضافة إلى ارتفاع سعر الصرف والتضخم الجامح مقارنة بالرواتب والأجور.
ومضى موضحاً أن هناك ارتفاع مستمر للمنتجات الزراعية والصناعية مما سيؤثر سلبا على مقدرة التصدير والدخول في المنافسة، فتكاليف الإنتاج مرتفعة مقارنة بالسلع المماثلة بدول الجوار والدول الأخرى، وفق قوله.
ويرى مهتمون بالشأن الاقتصادي أنه مع ارتفاع سعر الصرف وهبوط قيمة الليرة السورية، كان من الضروري رفع السقف الخاص بالتداولات اليومية، لأن 150 دولار لا تفي بالغرض، خاصة مع وصول أخبار عن إمكانية صعود الدولار إلى 10 آلاف ليرة سورية.
الخبير الاقتصادي “فراس شعبو” قال لمنصة SY24، إن “الإجراء الذي قام به البنك المركزي السوري كان لا بد منه لأن سعر صرف السوق السوداء ابتعد كثيرا عن السعر الرسمي، الأمر الذي بدأ يبعث على الخوف في نفوس المودعين للأموال وخاصة بالليرة السورية”.
وأشار إلى أن المصرف المركزي فقد خلال الفترة الماضية الكثير من الإيداعات والكثير من التحويلات التي كانت تأتي إليه من الخارج، نتيجة انخفاض سعر الصرف لديه بشكل كبير جدا.
ولفت إلى أن المنظمات الدولية التي تحول أموالها إلى الداخل السوري مهددة بخسائر فادحة، إذ يقوم المصرف المركزي بتحويل أموالها إلى الليرة السورية بسعر بعيد عن السعر في السوق السوداء، إضافة إلى تأثر موضوع الاستيراد والصادرات لأن النظام ليس لديه القدرة على تمويل قطاع الصادرات بالسعر السابق.
وأكد أن هذا الأجراء هو مؤشر سلبي مع بداية العام الجديد على حالة اقتصادية سيئة جدا، ما سيؤدي بدوره إلى رفع الأسعار والتكاليف وانخفاض قيمة الليرة، وبالتالي سيكون هناك مشكلة اقتصادية تزداد ضراوة في كل يوم، حسب وصفه.
ويأتي استمرار انهيار الليرة السورية مع أزمة المحروقات الخانقة في مختلف مناطق سيطرة النظام السوري، والتي تسببت بشلل كامل في مختلف مفاصل الحياة الاقتصادية.