أيام كثيرة وربما أشهر قد تمضي على شريحة كبيرة من السوريين في مناطق سيطرة النظام، دون أن تدخل اللحوم بكافة أنواعها على أي صنف من طعامهم، بل حتى إنها أصبحت حلم الفقراء، وذوي الدخل المحدود في عدد من أحياء العاصمة دمشق، وفي المناطق المتطرفة عنها، جراء الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ سنوات، والتي بلغت ذروتها الأشهر الأخيرة.
وبحسب ما رصدت منصة SY24 من خلال شبكة مراسليها في العاصمة وريفها، فإن أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء بلغت ارقاماً قياسية، خاصة مع انهيار الليرة السورية، وارتفاع سعر صرف الدولار الى 7 آلاف ليرة لكل دولار، ما أثر على أسعار جميع المواد الأساسية والسلع الغذائية بما فيها اللحوم.
إذ باتت أسعار اللحوم الحمراء وحتى مادة الفروج خيالية، مقارنة براتب الموظف أو حتى بالدخل الشهري للعامل و أصحاب الأجرة اليومية من عمال المياومة، وحرموا من الأكلات الشعبية المحببة لديهم والتي يشتهر بها المطبخ السوري على مستوى العالم.
أكلة الكبة المقلية، المشهورة لدى السوريين عند الغالبية منهم ولاسيما الأهالي في الأحياء الفقيرة والشعبية المتطرفة، أصبحت من ذكريات الزمن الماضي، في ظل الغلاء الكبير وارتفاع الأسعار، مراسلنا في ريف دمشق، أكد أن أحياء مثل “حي الدويلعة و الطبالة والزاهرة، ومناطق أخرى، باتت لديهم وجبة الكبة المقلية من الرفاهيات العالية، وهناك عائلات أخبرتنا أنها لم تطبخها منذ أكثر من عام.
واستعرض المراسل أسعار مكونات وجبة الكبة، لتكاليف لخمسة أفراد، إذ تحتاج إلى كيلو ونصف من البرغل بسعر 9 آلاف ليرة، و60 ألف ليرة كيلو لحمة، و20 ألف ليرة لتر زيت نباتي، و5 آلاف ألف غاز، مع قليل من المكسرات والرمان والبهارات وغيرها بحدود 10 آلاف ليرة، وبهذا بدفع المواطن السوري مبلغاً يقارب راتبه الشهري، لصنع وجبة كبة مقلية، التي أصبحت تكلف 105 آلاف ليرة سورية.
“أبو رامي” اسم مستعار، لأحد القاطنين في حي الزاهرة بدمشق، قال لمراسلنا: إن “وجبة الكبة المقلية إن عزم على شراء مستلزماتها فإنه تكلفه أكثر من 30 بالمئة من أجرته الشهرية وهي تعد وجبة واحدة ليوم واحد فقط”. وهو عامل في إحدى محلات تصليح الدراجات النارية و أجرته الشهرية لا تتجاوز 500 ألف ليرة، ويعمل أكثر من عشر ساعات متواصلة يومياً.
وبيّن مراسلنا أن الأحياء الفقيرة الشعبية في دمشق تعيش غالبيتها ذات الحال الذي يعيشه “أبو رامي” ، كحي دويلعة والزاهرة وحي تشرين وحي برزة والطبالة ومخيم جرمانا وغيرها.
هذه الحال تمثل شريحة كبيرة من السوريين، فمئات آلاف العائلات في مناطق النظام تعيش أوضاعاً يرثى لها، جعلت كثير منهم يضطر لبيع أثاث منزله بهدف تأمين قوت يومهم.
الجدير ذكره، أن الكثير من أسعار المواد الأساسية ارتفعت هي الأخرى، بفعل الأزمة الاقتصادية في مناطق النظام، وعدم استقرار سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، إضافة إلى توقف الكثير من المعامل وهجرة الصناعيين والتجار إلى خارج سوريا، ما جعل الأسواق تعاني من شلل شبه كامل في حركتها، نتيجة ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، في حين بات الراتب الشهري للمواطن السوري وباعتراف ماكينات النظام الإعلامية، لا يساوي شيئًا ولا يشتري شيئًا في ظل موجة غلاء الأسعار التي تعصف بالأسواق.