تعيد السيدة “فاطمة” 45 عاماً، ترميم أجزاء كبيرة من خيمتها القماشية، خلفتها الأمطار والرياح في الفترة الماضية، ضمن مكان سكنهم بأحد المخيمات العشوائية غربي مدينة سرمدا، بعد أن أصبح المأوى الوحيد لعائلتها منذ أربع سنوات، عقب نزوحهم من ريف إدلب الجنوبي.
تسكن “فاطمة” مع أولادها الخمسة، وزوجها المريض في خيمة ملأتها الثقوب، والشقوق الكبيرة، ومزقتها عوامل الجو على مدار السنوات السابقة، صيفا وشتاء، ليكون الخيط الأبيض، و”المسلة” وهي إبرة كبيرة تستخدم في خياطة القماش السميك، وسيلتها الوحيدة لاعادة رثي وترميم مسكنهم القماشي شمال سوريا.
تخبرنا “فاطمة” أن هيكل الخيمة الخارجي تآكل بشكل كبير ولاسيما بعد الأمطار والعاصفة الأخيرة، حيث لم يعد بإمكانها خياطة ما تمزق، تقول: “بهذه الحالة أضع فوق الخيمة بطانيات سميكة، وأخيطها من الداخل والخارج، على قسم كبير من جانب الخيمة، أما الشقوق الصغيرة فإني أحاول جاهدة خياطتها وإصلاحها بشكل جيد حتى لا تتسرب مياه الأمطار إلى الداخل كما يحدث عادة”.
في معظم المخيمات تقوم عشرات النسوة بهذه المهمة، كوظيفة متكررة لهن بين الحين والآخر، ويصبح أمر خياطة وإصلاح الأقمشة المهترئة مرافقاً لهن طيلة الشتاء بل وحتى أيام الصيف أيضا، فالحرارة المرتفعة تترك أثرها على الخيام تماماً كما تفعل الأمطار حسب من التقيناهم من الأهالي.
تحاول السيدة الخمسينية “أم عمار” مساعدة زوجها المسن، بإعادة تثبت خيمتهم بشكل جيد، خشية وقوعها عليهم في أيام الرياح القوية كما حدث معهم في مرات سابقة، ثم تقوم بوساطة المخرز والخيوط السمكية، أن تخيط ما أمكنها من الشقوق والثقوب الكثيرة، فلا خيار لديهم سوى رثي القماش المهترئ، وإصلاحه قدر المستطاع، تقول في حديثها لمراسلتنا: “لن نتمكن من استبدال الخيمة ولا شراء واحدة جديدة، فلا قدرة لدينا على ذلك، إنما نصلحها قدر الإمكان، وأحيانا ندعم الخيمة بالعوازل والشوادر السميكة، التي تمنع تسرب مياه الأمطار وتشكل عازلاً جيداً للخيام”.
مراسلتنا “لارا زعتور” رصدت يوم أمس سيدة مهجرة تصلح خيمتها الممزقة بالإبرة والخيط، مستغلة يوماً مشمساً لإصلاح شقوق خيمتها، قبل أن يأتي المنخفض الجوي وتزيد من اتساع تلك الشقوق فيها، كذلك تفعل جميع النسوة اللواتي يسكن في الخيام القماشية في جميع المخيمات العشوائية المنتشرة شمال سوريا،والتي أصبحت مأوى مئات آلاف العوائل بعد تهجيرهم ونزوحهم من مدنهم الأصلية قبل سنوات على يد النظام السوري.
فأكثر ما يواجه النازحين في الشتاء، هو إصلاح مكان سكنهم وتأمين التدفئة لأطفالهم مما توفر لديهم، رغم أن هذه المساكن القماشية لا تقِ برد الشتاء، ولا تصمد أمام الأمطار والعواصف، ولا حتى أمام حرارة الصيف المرتفعة، لتكون بحد ذاتها مصدر خطر على العوائل والأطفال، في ظل استجابة ضعيفة جداً للنازحين من قبل المنظمات الإغاثية.
يذكر أن أحدث إحصائية لمنسقي استجابة سوريا مطلع الشهر الحالي من عام 2023، بلغ عدد مخيمات النازحين في شمال غرب سوريا 1633 مخيم، تضم أكثر من 1.8 مليون نازح بينهم مليون طفل.