من وسط مدينة إدلب في شمال غرب سوريا، وجدت لوحات الفنانة التشكيلية “سلام حامض” طريقها إلى العالمية، بعد أن تداولتها كبرى الصحف والوسائل الإعلامية الأجنبية والمحلية معاً.
تقول “سلام” في حديث خاص إلينا، إن “وسائل إعلامية محلية وعالمية، نشرت عدداً من أعمالها الفنية، ولوحات رسمت على الجداريات، تحمل رسائل عديدة، منها جدارية (أمنية السلام) في العام الجديد، التي خطت على أحد جدران محافظة إدلب المتهالكة والتي تفتقد أساساً للسلام”.
ومن أهم الصحف العالمية، التي نقلت لوحات الفنانة “سلام”، صحيفة الغارديان البريطانية، التي عرضت أحد أهم أعمالها، وتحكي عن آمال وأحلام السوريين في نيل الحرية، وتحقيق النصر، والعيش بسلام، حسب قولها.
“سلام” ابنة مدينة جسر الشغور، مواليد 1991، تخصصت في الجامعة قسم علم اجتماع، ولكن لظروف معينة لم تكمل دراستها، فكان الرسم ملاذها ودأبت على تنمية موهبتها التي تطورت بشكل لافت، فضلاً عن إبداعها في الفن التشكيلي برعت “سلام” بالرسم الغرافيتي والكاريكاتير، وأسست مركز تدريبي للفنون وبناء القدرات في مدينة جسر الشغور.
تخبرنا أن انتشار وتداول رسوماتها على نطاق واسع بين الصحف والقنوات المحلية والعالمية، زادها إيماناً للمثابرة والعمل أكثر، لتأدية واجبها تجاه قضية الوطن، والمظلومين في الشمال السوري.
تقول لنا: “انتابتني مشاعر السعادة لأني استطعت إيصال بعض الرسائل التي تحمل في طياتها جزءاً من معاناة السوريين، والتي تحمل أيضاً آمال والأحلام والتطلعات”.
يعد الفن الغرافيتي أي “الرسم على الجدران” نوع من الفن القديم أيام الحضارة الفرعونية والإغريقية والرومانية، وتطور مع الوقت وأصبح ما يسمى اليوم بـ” الغرافيتي الحديث” يستخدم فيه بخاخات ومواد الدهان وأقلام التعليم وفراشي الرسم الخاصة ومواد أخرى للحصول على لوحة جدارية تروي أفكاراً وقضايا متنوعة.
تخبرنا أن “ما يعرف بفن الشارع، جذبها للتخصص به، بقصد الاتصال مباشرة مع العالم، ولفت الانتباه للقضايا التي يعيشها الشعب السوري، دون حواجز أو قيود لقدرته الكبيرة على إيصال رسائل جمالية وثقافية وقوية وسلسلة للعالم أجمع، كما أنه يلاقي تفاعل كبير لقربه من الناس”.
استطاعت مع فريقها “ريشة أمل” الذي يضم كبار فناني الغرافيتي في محافظة إدلب “عزيز أسمر وأنيس حمدون”، أن ترسم على جدران المدن والبلدات، معبرة عن قضايا عاشها الشعب السوري، وأعادت لجدران المدينة المتهالكة الحياة الملونة التي تحكي قصة شعب ناضل من أجل الحرية والكرامة.
للفنانة “سلام حامض” قصة مع فن الرسم، تحكيها لمراسلتنا، تقول: “موهبتي في الرسم بدأت منذ طفولتي واكتشفتها بالمرحلة الابتدائية، ثم لازمتني بكل مرحلة حتى أصبحت علاقتي فيها متينة جداً، وبدأت بتطويرها وتنميتها بجهد ذاتي، دون الخضوع لأي تعليم أو تدريب، إذ تعلمت من تجاربي ومن أخطائي ومازلت أتعلم إلى أن أصل إلى المستوى المنشود مستقبلاً”.
شاركت “سلام” بعدة معارض منها محلية ومنها عالمية وأهم مشاركتها في معرض أقيم في إيطاليا بجامعة “تورينو” حيث كانت لوحتها من اللوحات التي نالت الفوز بهذا المعرض، بالإضافة للمشاركة بفعاليات تقام بالمناطق المحررة منها فعالية مناهضة العنف ضد المرأة، وفعاليات تسلط الضوء على قضية المعتقلين، وأيضاً فعالية أقيمت للتذكير بمجازر الكيماوي في سوريا والعديد من الفعاليات الأخرى.
بالنسبة للصعوبات التي واجهتها تحدثنا قائلةً: “بداية كانت الصعوبات التي واجهتني صعوبة تأمين المواد اللازمة للرسم من أدوات وألوان خاصة بالفن”.
وأضافت أنه لم تواجهها أي عوائق أو مضايقات كونها أنثى اختصت بالرسم الغرافيتي، بل على العكس كانت تتلقى تشجيعاً وتفاعلاً من الناس وخاصة أن رسوماتها تحمل هم الشعب ومعاناته وآلامه، تقول: “كنت أنقل هذه الرسائل والصور عبر رسوماتي لذلك تلقى ترحيب كبير من قبل المجتمع رغم تحفظه”.
حمل الرسم الغرافيتي بصمة خاصة في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، حين حولت أنقاض الأبنية المتهالكة إلى لوحات كبيرة تعبر عن قضايا الثورة والحرية، إذ أن للرسم على الجدران علاقة وثيقة بالثورة السورية، نشأت في أيامها الأولى عندما خط أطفال درعا عبارات الحرية والكرامة على جدران المدارس والشوارع، وسرعان ما تحولت إلى رسائل قوية ومباشرة تطالب بإسقاط النظام.