عاش سكان مدينة ديرالزور، الخاضعة لسيطرة النظام والميليشيات الإيرانية والروسية الموالية له، حالة من الخوف والرعب نتيجة تعرض المدينة لعدد كبير من الهزات الأرضية الإرتدادية الناتجة عن تأثير الزلزال الذي ضرب وسط وجنوب تركيا والشمال السوري، والذي تسبب بمقتل أكثر من 4000 شخص في البلدين وإصابة ما يزيد عن 20 ألف آخرين، ناهيك عن أعداد كبير من المدنيين المحاصرين تحت الانقاض وخاصةً في الشمال السوري المحرر.
الهزات الإرتدادية التي تعرضت لها مدينة ديرالزور تسببت بانهيار مبنى البريد المؤلف من 8 طوابق في حي العمال، بالإضافة إلى عدد من المنازل والمباني المأهولة بالسكان في أحياء العرضي والشيخ يس وكنامات دون تسجيل وقوع أي إصابات بين صفوف المدنيين، الذين تركوا منازلهم وقضوا ليلتهم في الشوارع والحدائق العامة أو لدى أقاربهم بالتزامن مع انقطاع خدمة الانترنت والتيار الكهربائي عن المدينة.
حكومة النظام في المدينة أعلنت “حالة الطوارئ” وقامت بتجهيز الصالة الرياضية الموجودة بالقرب من الملعب البلدي بحي العمال ووضعت فيها قرابة “150 فرشة 100 بطانية عسكرية قديمة “، وطالبت المدنيين المتواجدين بحديقة الأشعري وحديقة المعلمين بالتوجه إليها ريثما تهدأ الأوضاع، في الوقت الذي أعلنت فيه مديرية التربية في المدينة عن تعطيل كامل للمدارس لمدة أسبوع.
مراسل منصة SY24 في مدينة ديرالزور، أكد أن الأهالي عاشوا خلال الـ 24 ساعة الماضية حالة من الخوف والهلع، وذلك كون أغلب المباني السكنية معرضة للانهيار في أي لحظة بسبب التصدعات الناجمة عن القصف العنيف الذي تعرضت له المدينة طوال السنوات الماضية، وعدم قدرة معظم الأهالي على إعادة بناء وتأهيل هذه المنازل بسبب التكلفة الباهظة وعدم سماح النظام لغير أصحابها بالقيام بذلك، الأمر الذي قد يعرض حياة قاطنيها للخطر في ظل تصاعد حدة الهزات الإرتدادية التي تضرب المدينة.
“غادة العلي”، معلمة مدرسة ابتدائية ومن سكان حي الموظفين، أشارت في حديثها مع مراسل منصة SY24 في المدينة، أشارت إلى “قيامها مع عائلتها بترك المنزل الذي يعيشون فيه والذهاب إلى منزل أحد أقاربهم في حي القصور، وذلك بسبب التصدعات الكبير الموجودة في جدرانه الناجمة عن تعرضه بوقت سابق للقصف من قبل قوات النظام إبان المعارك التي شهدها الحي بين عامي 2012 و 2017 وتخوفهم من سقوطه فوق رؤوسهم بفعل الهزات الارضية”.
في الوقت الذي قضى فيه “أبو أحمد” وعائلته ليلتهم في حديقة المعلمين وسط المدينة مع عدد كبير من الأهالي، لعدم رغبتهم بالذهاب إلى الصالة الرياضية التي أعلن النظام عن تجهيزها، لافتقارها لأي خدمات وتجهيزات حقيقية مع انقطاع المياه والكهرباء عنها وعدم وضع أي وسائل للتدفئة فيها، بالإضافة إلى عدم وجود أغطية وبطانيات كافية في ظل انخفاض درجات الحرارة وهطول الأمطار على المدينة”.
وقال “أبو أحمد” في حديثه مع مراسل منصة SY24 في ديرالزور: “مع أول هزة ارتدادية تعرضت لها المدينة سقط جدار المنزل الذي يجاور منزلي في حي الجبيلة، ما دفعني إلى الهرب مع عائلتي باتجاه حديقة الأشعري التي باتت مكتظة بالمدنيين، وانتقلت بعدها إلى حديقة المعلمين في حي القصور وجلسنا هناك وسط الأمطار والوحل وانخفاض درجة الحرارة، دون أن يقوم النظام بتقديم أي مساعدة لنا”.
وأضاف أن “أهالي الحي عرضوا علينا المبيت لديهم في حال استمر الوضع على ما هو عليه، وقاموا بتقديم الماء والطعام وكمية من الحطب لنا من أجل التدفئة عليه ريثما تهدأ الأوضاع وتنخفض وتيرة الهزات الارضية التي تتعرض لها المدينة لكي نستطيع وقتها العودة إلى منزلنا”.
وكانت مدينة ديرالزور قد تعرضت إلى قصف عنيف من قبل قوات النظام والطيران الحربي الروسي إبان المعارك التي شهدتها بين عامي 2012 و 2017 مع فصائل المعارضة السورية ومن بعدها تنظيم داعش، ما تسبب بتدمير أكثر من 90% من المباني السكنية والمؤسسات الخدمية والمدارس في الأحياء التي كانت خارج سيطرة النظام، مع إصرار الأخير على عدم السماح للأهالي بإعادة تأهيل منازلهم أو العودة إليها، ومواصلته مع ميليشياته المسلحة بسياسة تعفيش هذه المباني وسرقة كل ما يمكن سرقته منها.