منذ اللحظات الأولى للكارثة التي ضربت الشمال السوري، في السادس من شباط الجاري، سارع الأهالي إلى المساعدة كل حسب إمكانياته المتواضعة، كمّ هائل من المتطوعين بشكل تلقائي، أفراد وجماعات هرعوا إلى المناطق المنكوبة، لإنقاذ الأهالي المتضررين من الزلزال، وإخراج الضحايا من تحت الركام، في ظل تقاعس دولي وعربي عما يجري في المنطقة.
بات السوريين اليوم، على قناعة تامة أنهم المعنيون الوحيدون بمصائبهم، والكوارث التي حلت عليهم، فانطلقت المبادرات الأهلية الجماعية والفردية، و شكلوا فرقاً تطوعية لإغاثة المنكوبين، منهم من تبرع بتقديم الأدوات والآليات اللازمة لرفع الأنقاض، ومنهم من تبرع بالوقود لتشغيل الآليات والمولدات الكهربائية، فضلاً عن تقديم وجبات الطعام والمياه والأغطية والألبسة والخيام والمأوى أيضاً.
في حديث خاص مع المهندس “محمد الشامي” مقيم في إدلب، أخبرنا أن الشمال السوري كان يعمل كخلية النحل على مدار أربعة أيام، كل حسب قدرته وإمكانياته، في ظل عجز دولي وأممي واضح، وعدم دخول المساعدات الإنسانية والأدوات اللازمة لإغاثة المنكوبين والمتضررين من الأهالي في الشمال السوري.
نحو جنديرس، وحارم، و سرمدا، وسلقين، والدانا، ومناطق أخرى في ريفي إدلب وحلب التي تأثرت بالزلزال العنيف، توجهت عشرات السيارات المحملة بالمواد الإغاثية والمساعدات، من أهالي نجوا من الموت، إلى آخرين ما زالوا يصارعونه تحت الركام وعلى الطرقات.
وحسب ما أكده “الشامي” فإن معظم المبادرات التي شهدها الشمال السوري، كانت أهلية تلقائية دون دافع من أحد، عملت كأنها منظمات كبرى، لبت نداء المستغيثين، بما توفر لديها، يقول “خرجت مع عدد من الشباب، و اصطحبنا آليات وأدوات كهربائية للقص، والمساعدة في رفع الأنقاض عن الضحايا، وفي نفس الوقت وجدنا كم هائل من المتطوعين والشبان يشاركون في المساعدة، رغم أن الأدوات المتوفرة قليلة ومتواضعة لاتناسب حجم الكارثة التي حلت بنا”.
كما قدمت محلات تجارية عدة، ومطاعم كبيرة، و أفران، عدة مواد إغاثية بشكل مجاني للمتضررين، منهم من خصص وجبات طعام، ومنهم من جمع مبالغ مادية عينية وقدمها للأهالي، ومنهم من تبرع بالألبسة والأغطية وغيرها من المساعدات كاستجابة طارئة وفورية.
الصحفي والناشط معتز الخطيب قال لمراسلتنا: إن
الكل في المناطق المحررة يعمل ، والكل يتنافس على تقديم المساعدة، والكل يتناوب على إزالة الأنقاض للبحث عن ناجين، خلايا كاملة مازالت تعمل ليلاً نهاراً، منهم من يعمل بيديه ومنهم من يتبرع ويساهم في جمع التبرعات ومنهم من يوجه وينسق الأعمال، مشيراً إلى أن المنطقة انتفضت بأكملها كاليد الواحدة من نساء ورجال وأطفال وشيّب، لمواجهة مصرينا كما كنا دائماً نواجه أيام القصف والنزوح بمفردنا.