أثرت الموازين الاقتصادية وانهيار قيمة الليرة السورية المستمر، على أساسات الحياة لدى معظم السوريين، وبدأت أسعار المواد الغذائية والسلع الرئيسية، التي تعد من أهم احتياجات الأهالي، ترتفع بشكل مضاعف مع اقترب شهر رمضان، ما شكل تحدياً كبيراً على عاتق غالبية الأسرة ولاسيما ذوات الدخل المحدود.
مراسلنا في دمشق، رصد ارتفاعاً واضحاً منذ عشرة أيام في أسعار مادتي الأجبان والألبان، وهما أحد أهم مكونات وجبة السحور في رمضان، كذلك طال الغلاء مختلف أنواع المواد الغذائية من الحلاوة الزبدة والمربيات.
وأشار مراسلنا، أن الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية جعل شريحة كبيرة منهم تتخلى عن شراء تلك الأصناف، والاكتفاء بالقليل الموجود لديهم، فحسب قول من التقيناهم من الأهالي، بات التحضير لوجبة السحور التي اعتادوا عليها في السنوات السابقة من الرفاهيات وليس بمقدور أغلبهم شرائها كالسابق.
مراسلنا جال في الأسواق واطلع على أسعار عدد من الأصناف الغذائية، وقارنها بأسعار الشهر الماضي، ولاحظ نسبة الزيادة الكبيرة، إذ أكد أن سعر كيلو اللبنة كان قرابة 11 ألف ليرة، واليوم ارتفع ليصل إلى 14500 أي أنه زاد بمقدار ثلاثة آلاف ليرة عما كان عليه، دون وجود أي سبب مقنع لارتفاع الأسعار، كذلك مادة الجنية البيضاء التي كانت تباع بـ 16 ألف، أصبحت اليوم بأكثر من 18500 ليرة سورية!!.
وكذلك طال الغلاء أسعار أصناف الجبنة الأخرى كالشلل أو القشقوان، التي وصل سعرها إلى أكثر من 33 ألف ليرة، وكذلك وصل سعر مادة البيض إلى 25 ألف، إذ تباع البيضة الواحدة بسعر 850 ليرة أي أن متوسط تكلفة سحور لعائلة من خمسة أشخاص بمعدل كيلو واحد من تلك الأصناف يبلغ أكثر من مئة ألف ليرة سورية وهو ما يعادل راتب موظف حكومي طيلة الشهر.
حيث بدأ التجار برفع الأسعار مع اقتراب شهر رمضان رغم الأوضاع المعيشية السيئة في مناطق سيطرة النظام، وفي حديث خاص مع الشاب “مجد” الذي يعمل في محل لبيع المواد الغذائية والألبان ومشتقاتها في حي المزرعة الدمشقي، قال: إن “العملية الشرائية تراجعت كثيراً خلال الأشهر السابقة مقارنة بالعام الفائت، بسبب ارتفاع أسعار المواد وانهيار الليرة مقابل الدولار”.
وأكد “مجد” لمراسلنا أن ارتفاع أسعار الحليب والمواد الأولية التي يتم بها صناعة الأجبان والألبان، تسببت برفع سعرها في الأسواق، وفي كل عام يتم رفع أسعار المواد الأولية وأسعار الحليب من المصدر قبيل شهر رمضان.
وأضاف أن 90 بالمئة من الأهالي الذين كانوا يشترون تلك الأصناف خلال هذه الفترة همومن ذات الدخل المرتفع، والطبقة الغنية، ونسبتهم قليلة جداً من عموم الأهالي، و نسبة 10 بالمئة فقط من الناس العوام، يشترون بشكل قليل، ربما تصل إلى مرة واحدة في الشهر.
لم تكن لقمة العيش هاجساً يقلق السوريين من قبل، ولاسيما أن أفقرهم معيشة قبل سنوات كان يحضر كميات كبيرة من المونة ومن جميع الأصناف، إلا أن تجار النظام والمتنفذين اليوم في ظل سيطرته، هم من يتحكمون بالأسعار والغلاء الحاصل، وكأنهم يحاربون السوريين بلقمة عيشهم، ناهيك عن باقي الأزمات المعيشية الخانقة التي يعيشها الأهالي في الداخل السوري، من انعدام الكهرباء والوقود ومواد التدفئة وحتى المياه الشرب الصحية وصولاً إلى رفع أسعار الدواء أيضاً.
يذكر أن الأشهر الماضية شهدت انهياراً سريعاً في قيمة الليرة السورية مقابل سعر صرف الدولار، والتي تجاوزت حاجز 7500 للدولار الواحد، وساهمت بشكل مباشر في رفع الأسعار والغلاء، خالقة فجوة كبيرة بين معدل الدخل والإنفاق، دون وجود أي دور يذكر لحكومة النظام بضبط الأسعار وإيقاف جشع التجار.