كيف تحول عيد الأم إلى مناسبة لفتح جراح الأمهات السوريات؟ 

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

تجلس “أم عبد الرحمن” الشامي أمام هاتفها المحمول، بمنزلها في ريف دمشق، صبيحة يوم الواحد والعشرين من آذار، كما تفعل كل عام منذ سبع سنوات، بانتظار رسائل المعايدة والاتصالات من أبنائها المهجّرين إلى الشمال السوري، بمناسبة عيد الأم، حيث حرمت من رؤيتهم والاحتفال معهم كآلاف العائلات منذ ذلك الوقت، فلا تكاد تخلو أسرة من أم حرمت رؤية أبنائها أو فقدت أحدهم، ليكون هذا العيد بالنسبة لهن ناقوس يدق ذكريات مؤلمة، مليئة بالشوق والحنين والدموع.

تواصلت مراسلتنا في اتصالي هاتفي مع “أم عبد الرحمن”، لتخبرنا كيف تقضي هذا اليوم، قالت لنا والدموع تسبق كلامها: “عيدي الحقيقي يوم افرح برجعة ولادي، يوم التقى فيهن وضمن لصدري، وشوف ولادهن”.

حرمت أمهات كثر من العيش مع أبنائهم منذ سنوات عديدة، فمنهم من هاجر خارج البلاد، ومنهم من تهجر إلى الشمال السوري، على أمل اللقاء يوم ما، في حين أن هناك آلاف الأمهات اللواتي فقدن أولادهن في الحرب أو نتيجة قصف جوي من قبل قوات النظام وحلفائه خلال السنوات الماضية.

تقول “أم عبد الرحمن” ذقت لوعه الفراق والموت، فمنذ استشهاد ابني الصغير علي، و هجرة وإخوته الثلاثة الباقين، وبقائي مع زوجي وحيدين، لم تعد للحياة طعم ولا فرحة، فقد كانت الدار مثل هذا اليوم تغص بهم، وبأطفالهم، حاملين لي الهدايا، والمفاجئات، وكنت أقضي نهاري في المطبخ لأصنع لكل واحد منهم طبقه المفضل”.

 

حال هذه السيدة الستينية يحاكي حال مئات آلاف العائلات والأمهات في الداخل السوري التي تشتت بفعل ممارسات قوات النظام.

وعلى الجانب الآخر، تعيش أمهات كثر في مخيمات النزوح شمال غربي سوريا، قسم كبير منهن خسرت أحد أبنائها نتيجة القصف، وقسم آخر يعشن مرارة الفراق في ظروف معيشية قاسية، داخل مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة.

وتجتمع المواجع كلها عند الحجة “أم سعيد” نازحة من ريف حماه، مقيمة في مشروع سكني في منطقة كفر لوسين شمال إدلب، فهي كما أخبرتنا أم الشهيد والمعتقل، وتربي أحفادها الأيتام بعد موت ذويهم، تقول لنا “أصبحت أماً وأنا بعمر السبعين لثلاثة من أحفادي، بعدما قتل والدهم على يد قوات النظام أثناء اقتحام بلدتنا”.

لا يمر عيد الأم على المرأة السورية، كأي يوم عادي، بل يحمل كثيراً من الذكريات المؤلمة، ولاسيما لأمهات المعتقلين/ات الذين يتعرضون لأقسى أنواع العنف الجسدي والنفسي وانتهاك حقوقهم حسب رواية مئات الناجين من الاعتقال.

تغيرت خارطة الأفراح والمناسبات في الداخل السوري، لدى أغلب العوائل، فلم يعد هناك سقف واحد يجمع العائلة كما هو متعارف عليه من قبل، لا في الأفراح ولا الأتراح، بعد أن خيم الحزن على كثير من الأمهات سواء المقيمات في إدلب شمال غربي سوريا، أو في مختلف المحافظات السورية.

مقالات ذات صلة