أثار وصول متزعم قائد ميليشيا فيلق القدس التابع لميليشيا الحرس الثوري الإيراني إلى دمشق، وذلك بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات عن سبب تلك الزيارة وما سيعقبها من تطورات.
وكان اللافت للانتباه هو إعلان الصحف الموالية للنظام السوري ومنها جريدة “الوطن”، عن وصول المدعو إسماعيل قاآني متزعم فيلق القدس إلى دمشق ومن ثم حذف التغريدة بهدف التكتم على تلك الزيارة حسب مراقبين، إلا أن كثيراً من المهتمين بالملف الإيراني رصدوا ما نشرته تلك الصحف قبل الحذف.
مصادر أخرى مهتمة بالملف الإيراني أشرت إلى أن “قاآني متواجد أصلاً منذ أيام في الأنفاق التابعة للميليشيات عند مطار حلب الدولي برفقة عدد من قادة الميليشيات، ومن هناك توجه إلى دمشق، أمس الأحد”.
وحول ذلك قال الأكاديمي والمتابع للشأن الإيراني ، أحمد الحمادي لمنصة SY24، إنه “قبل إعلان طهران وصول إسماعيل قاآني لدمشق سبقه إعلان رمضان شريف المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني حيث قال ( نقترب من تحرير القدس أقرب من أي وقت مضى)، و سبقه ظهور لوحة إعلانات كبيرة في شوارع دمشق رسالتها تقول ( سنفطر في القدس )، و لا ننسى تصريحات لمسؤولين إيرانيين فيما سبق كان مفادها تهديد إسرائيل بالفناء والدمار الكامل خلال خمس دقائق”.
وأضاف، يأتي ذلك هذا كله حاليا مع معاناة حكومة نتنياهو من أزمة داخلية عاصفة بها من مضاعفات سعيه لما سمي التعديلات القضائية، و في الوقت الذي تعاني منها إيران أزمة خانقة وتحركات شعبية ومظاهرات احتجاجية لا مجال للإسهاب فيها، وكذلك حال لبنان وحزب الله المتحكم بالسياسة والحياة العامة اللبنانية، وكذلك حال كل القوى المرتبطة بإيران من حماس والجهاد الإسلامي وحتى النظام السوري، لذا على ما يبدو فإن توتير الأوضاع ما بين كل هذه الأطراف وإسرائيل قد يكون فيه الفرج لجميع تلك القوى لإلهاء شعوبها و تحويل أنظارها عن حقيقة معاناتها وأوضاعها المأساوية الداخلية، بافتعال التصعيد أو التهديد بالتصعيد الخارجي مع إسرائيل.
وتابع قائلاً “نعم وصل قاآني لدمشق في 9 نيسان، وبعد حوالي 16 ساعة أعلنت إسرائيل استهدافها لمقر اجتماع ضم قيادات من ميليشيا الحرس الثوري الإيراني والميليشيا التابعة لها مع ضباط كبار من النظام السوري، وسُربت أنباء بأن من بين الحضور قاآني وقيادي كبير في الحرس اسمه سردار ياني.
وزاد موضحاً، أنه بالفعل تم قصف مكان ما في يعفور البارحة ليلا ولم تعلن الخسائر الناتجة، كون المنطقة عسكرياً وأمنياً مغلقة وفيها أماكن و فلل لشخصيات كبيرة في النظام منهم ماهر الأسد.
ومضى بالقول، إنه “بكل الأحوال ومن خلال ظهور نظام الملالي في إيران منذ نهاية سبعينات القرن الماضي وهي ترفع شعار الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، ولكنها عمليا لم تفعل إلا القتل والخراب والدمار لمنطقتنا العربية ولشعوبنا العربية، وكل سياساتها تخدم إسرائيل وأمريكا، وكما يقول المثل (لو بدها تشتي غيّمت)، وفي العلاقة الإيرانية/ الإسرائيلية لا مطر ولا غيوم داكنة سوداء بل سحابات صيف عابرة لا تدخل إلا في مزادات المتاجرة بالقدس وفلسطين وقضيتها، كحال النظام الطائفي القاتل السوري بالضبط، مجرد شعارات وأهداف معلنة دون أي جدوى وتطبيق على الأرض، صيغت ورفعت للاستهلاك الداخلي واجترارها المتواصل عند الحاجة”.
ولا تعتبر هذه الزيارة الأولى لمتزعم الميليشيات قاآني، ففي آذار/مارس الماضي، أجرى زيارات متعددة إلى حلب واللاذقية دون أن يكون برفقته رأس النظام السوري بشار الأسد، وذلك بحجة الإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية على منكوبي الزلزال.
وكانت مصادر مهتمة بالشأن السياسي أكدت لمنصة SY24، أن زيارة قاآني قائد فيلق القدس للأماكن المتضررة من الزلزال التي تقع تحت سيطرة النظام السوري، تعكس عدة أمور أولها وأهمها بالنسبة لإيران استمرارها وإصرارها على تعزيز نفوذها في سوريا حتى في وقت الكوارث بالتزامن مع انشغال الروس في أوكرانيا.
وأشارت إلى أن ظهوره في هذه المناطق التي لا يظهر فيها الأسد يعني أن الولاء اليوم لإيران من قبل الحاضنة المتواجدة فيها، وبالأخص ولاء المقاتلين لإيران فيها، وللتأكيد بأن إيران تقف مع حاضنتها من مدنيين ومقاتلين.
ويتزامن وجود قاآني في سوريا مع تصعيد إسرائيلي مستمر على مواقع الميليشيات جنوبي سوريا وفي دمشق وعلى مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري.
وفجر أمس الأحد، شن سلاح الجو الإسرائيلي، غارات جوية طالت مواقع للنظام السوري وميليشياته جنوبي سوريا، وذلك ردا على قصف بالصواريخ من الأراضي السورية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي في بيان “أغارت طائرات حربية إسرائيلية على أهداف إضافية في سوريا ومن بينها مجمع عسكري تابع للفرقة الرابعة، بالإضافة إلى رادار ومواقع مدفعية تابعة للنظام”.
كما أغار الطيران الحربي الإسرائيلي، خلال الأسابيع القليلة الماضية، على مقرات للميليشيات في ريف حمص، منها مطار الضبعة ومطار التيفور والشعيرات، إضافة إلى مواقع أخرى في ريفي حمص الشرقي والغربي تتمركز فيها الميليشيات.