تتوالى ردود الفعل على ممارسات هيئة تحرير الشام شمال سوريا، في حين تُجمع المصادر الأهلية في المنطقة على أن حلّ الهيئة لنفسها سيكون نقطة تحول في تاريخ الثورة السورية.
وفي وقت يرفض المؤيدون للهيئة فكرة حلّ نفسها، يرى كثير من أبناء الشمال السوري أن الهيئة لم تكن في يوم من الأيام تريد الخير للشعب السوري، حسب تعبيرهم.
وفي ردّ على هذا السؤال (حلّ الهيئة لنفسها سيكون نقطة تحول في تاريخ الثورة؟)، أوضح أحد أبناء الشمال السوري لمنصة SY24 (فضّل عدم ذكر اسمه)، أن تلك الرغبة أصبحت ترافق الغالبية العظمى من معتنقي الثورة السورية وخاصة أصحاب التجارب العسكرية والسياسية ممن شاهدوا بأعينهم تداعيات تواجد هيئة تحرير الشام على المسألة الثورية، وحتى من قبلها جبهة فتح الشام وجبهة النصرة وطبيعة خطاباتها التي لم تتنازل في تغيير رؤيتها سواء على صعيد العسكرة والسياسة.
وأشار إلى أن كل محاولاتها الترويجية للغرب بأنها أصبحت معتدلة تأتي في سياق ما يطلقون عليه السياسة الشرعية، وربما اليوم تنطلي تلك السياسة على بعض البسطاء لكن من يراقب تلك المتحولات وكيفية تسلطهم على الفصائل الثورية وتحت تهم مختلفة منها موالاة الغرب وإدخال القوات الأجنبية إلى المناطق المحررة، حصل بذريعة اجتثاثهم واقتلاعهم من جذورهم، وسلّمت المناطق التي كانت قد سيطرت عليها فصائل المعارضة ودفعت ثمن ذلك تضحية أبنائهم للوصول إلى ما كانوا يحلمون به سوريا حرة وغير مؤدلجة.
ولفت إلى أن الهيئة تسيطر اليوم على المعابر وتفرض ما يطلق عليه الخدمات والضرائب على كافة القطاعات التجارية، وباتت تسيطر على المناطق المحررة بحكومة الإنقاذ، وانتقلت في مشروعها الجهادي إلى السيطرة، علما بأنها كانت قد رفعت نصرة الشعب السوري، ولكن يرى الكثير وحتى من المقاتلون الذين انكفئوا القتال بأن الهيئة قد خدعتهم واستخدمتهم ولم تعد حقيقة تعمل بالعقيدة القتالية السابقة، وباتت تنظر إلى المصلحة فوق أي اعتبار، فمن تصفهم بالأمس أعداء، اليوم تجلس معهم وتعدهم بالانتقام ممن تسببوا في ظلمهم في مناطق الجيش الوطني.
ورأى أن بقاء الهيئة إلى هذه اللحظة بهذا التماسك يعتمد على استدامة خدمتها لاستراتيجيتها في البقاء فقط وهذا أصبح مؤكد لدى الكثير، لكن البعض ينظر إلى وجودهم في إدلب وإدارتهم لها وعملهم كسلطات أمر واقع ليس بمقدورهم مواجهتهم مجددا، لأنهم لديهم قدرة عالية في التعامل والتحشيد للمقاتلين خلفهم في استهداف من لا يتوافقون معهم تحت ذرائع مختلفة لا تتجاوز خطوطهم الحمراء.
واعتبر أن أمر إنهاء تواجد الهيئة يحتاج إلى توافق دولي وفي حال تم ذلك تستطيع الفصائل الخلاص من التصنيفات الدولية بالإرهاب، وتمنع أي عمل عسكري وفق الرؤية الروسية التي تنطلق من الانتهاء من معركة استهداف الإرهاب وتجنب المنطقة أية أضرار.
ورأى أيضاً بأن رفع السقف من قبل الهيئة سيؤثر كثيرا على مسار الثورة السورية، وربما يدخل الثورة في أنفاق الخديعة الدولية والمتمثلة بعدم دعمهم، والسبب يعزونه لوجود ما يهددهم “الإرهاب” وبالتالي من المبكر جدا الحديث عن حل هيئة تحرير الشام في هذه المرحلة ما لم يكن القرار بالدرجة الأولى أمريكياً، ومن ثم سينعكس على المنظومة الدولية تراتبيا وصولا لأصغر عنصر من مقاتليها، فغياب المشروع الدولي تجاه إنهاء حالة الاستعصاء في الملف السوري سيمنحهم المزيد من الوقت للبقاء مسيطرين على كامل محافظة إدلب، حسب وجهة نظره.
وبمجرد تداول فكرة (حلّ الهيئة لنفسها)، شنّ المؤيدون لها هجوماً على كثير من الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، معتبرين أن الجيش الوطني هو من عليه أن يحلّ نفسه وينضوي تحت مظلة الهيئة، على اعتبار أنها أكثر تنظيما وتماسكاً، في تجاهل تام لكل الانتهاكات التي تمارسها بحق القاطنين في مناطق سيطرتها وما حولها، وفق المصادر المحلية.
مصدر آخر من الشمال السوري (فضّل عدم تحديد هويته)، أفاد لمنصة SY24، بأن أفضل السيء الموجود حاليا من التشكيلات العسكرية هو تحرير الشام، بل الأكثر تنظيما و إدراكا وقوى وقدرة، ومناطقها من أكثر المناطق أمنا واستقرارا على كافة الأصعدة، ولا مجال للمقارنة بمناطق أخرى.
وتابع موضحاً “لكن ما يدفعنا لنبذ هذا التشكيل أولا سلطته القمعية، والتي قد تكون سببا رئيسيا لما سبق لأن المرحلة تحتاج لسلطة مشابهة تدير المرحلة مؤقتا بعد أعوام من الانفلات الأمني، وثانيا تصنيفها الدولي، والذي لم نعد نراه مبررا بعد التغيرات التي أجرتها الهيئة على تركيبتها وإبعاد الجهاديين المطلوبين والمهاجرين عن المراكز الحساسة والقيادية، وتصدير شخصيات مدنية لقيادة الأمور المدنية تحت سلطة حكومة الإنقاذ التابعة لها بالمطلق، والتي تعتبر رغم ذلك أكثر فعالية من الحكومة السورية المؤقتة”، وفق تعبيره.
ووسط كل ذلك، يرى كثير من أبناء الشمال السوري أن الهيئة لا تحلّ نفسها حتى انتهاء المهمة الموكلة إليها من أفرع المخابرات، فطالما أن هناك روح للثورة ستبقى حتى وأدها، مشيرين إلى أن مخابرات الدول أرادت جعل مناطق الجيش الوطني كحال الفوضى، ومناطق هيئة تحرير الشام (مُنظمة) وذلك على صعيد إعلامي فقط، وفق كلامهم.