أعلنت هيئة تحرير الشام عن تأسيس ما تسمى بـ “دائرة الشكاوى الأمنية”، مدّعية أن هدفها من وراء هذه الخطوة إفساح المجال أمام العامة لتقديم الدعاوى ضد أفراد جهازها الأمني.
ورأت مصادر محلية، أن هذا الأمر يأتي كمحاولة من الهيئة لامتصاص غضب الشارع، وذلك عقب التجاوزات التي ترتكبها أذرع الهيئة وخصوصا على صعيد أمني.
وادّعت مصادر تابعة للهيئة أن هذه الدائرة تتيح للعامة الشكوى على الأخطاء التي تحدث خلال تنفيذ المهمات المنوطة بعمل الجهاز، عبر خطة عمل مرسومة ودقيقة تضمن ردّ الحقوق للجميع، وفق تعبيرها.
ووسط كل ذلك، يقلل ناشطون من أبناء الشمال من جدوى أي محاولة من الهيئة لتلميع صولاتها وتقديم نفسها كهيئة مركزية هدفها الحفاظ على حقوق المدنيين، وفق وجهة نظرهم.
ناشط سياسي من أبناء الشمال السوري (فضّل عدم ذكر اسمه) قال لمنصة SY24، إن “العنوان الذي تقوم الترويج له الهيئة يمنح البعض لالتقاط أنفاسه، لكن ذلك لن يلقى صدىً سوى إعلاميا ومرحليا ريثما تتكشف حقيقة ذلك الأمر، وفيما إذا كان المجني عليه يستطيع تقديم شكوى بحق العناصر الأمنية الملثمة الذين يمارسون انتهاكات بحق قاطني محافظة إدلب”.
وأضاف “أرى بأن المعالجات التجميلية لن تخفي زيف تلك الممارسات التي تنكرها الهيئة، وستعمد على التضييق على من يقدم شكوى بحقها”.
وتابع أنه “لو كانت الهيئة جادة في محاسبة هؤلاء العناصر لقامت بتغيير السلوك مرورا باستصدار مذكرات قضائية بحق من ستحقق معه وفق المؤسسة التي ينتمي لها، فمذكرة الأمن العام بحق خطيب الجمعة يجب أن تتم من خلال مديرية الأوقاف وتكون معنونة بالتشاور وليس إظهاره كمجرم، وبالتالي تلك الممارسات لن تغيير في صورتهم رغم محاولتهم احتواء حالة الغضب وتخوفهم من توسع نطاقها ومدى تأثيرها على صورة الهيئة عموما”.
وردّ بعض الناشطين على تشكيل هذه الدائرة الأمنية بالقول: “من اختارهم حتى يعترف بهم الشعب ويوكلهم في حل المشاكل؟، هل تحاول حكومة الجولاني فرض هيمنتها وقوتها على إدلب باستخدام كل الوسائل (القوة والمادية والنفسية) لإخضاع الشعب؟، نعتقد أن الجولاني لن يبقى كثيراً، فالناس لا تحبه وهناك شيء يتم إعداده في الخفاء”.
ومنذ أسابيع تشهد المنطقة الخاضعة لسيطرة الهيئة حالة احتقان شعبي مبطّن غير ظاهر للعلن خوفا من الاعتقال، وذلك من جراء الكثير من الأمور التي وصفها سكان المنطقة بالاستفزازية، سواء من ناحية الضغط على المزارعين من بوابة فرض “زكاة الزروع” دون مراعاة لظروفهم الاقتصادية المتردية، وليس انتهاء بالتضييق على أئمة وخطباء المساجد واستدعاء بعضهم عن طريق جهازها الأمني.
كما تواصل الهيئة تجييش أذرعها للترويج لمعركة قادمة تجاه حلب، إضافة للترويج بأنها ستفتتح دورات تدريب عسكري لاستقطاب الشباب للقتال في صفوفها.
بالمقابل، تستمر الهيئة وحسب مصادر محلية بتنفيذ حملات اعتقالات تعسفية بحق عدد من الأشخاص، الأمر الذي أثار غضب وسخط ناشطين، والذين أكدوا أن “هيئة الجولاني لن تستجيب لمطالب الأحرار وتُخرج المعتقلين من سجونها حتى تكون المظاهرات في وسط إدلب المدينة، والمظاهرات هناك قادمة بإذن الله ما دامت الهيئة مستمرة في طغيانها وظلمها لأهل المحرر”.
في مقابل كل ذلك تتعالى الأصوات متسائلة “لا ندري ما الذي يخسره الجولاني إن أخرج المعتقلين والمغيبين في سجونه؟، ما الذي يخسره الجولاني إن ألغى الضرائب والمكوس وجعل الناس في إدلب تزدهر وبالتالي ازدهار منطقة يحكمها؟، ما الذي يخسره الجولاني إن اجتمع مع المتظاهرين واستمع لطلباتهم؟”.
ومؤخراً، تباينت الآراء وردود الفعل حول تحركات هيئة تحرير الشام والتكثيف من أنشطتها المدنية والمجتمعية في مناطق سيطرتها بإدلب، حسب مراقبين.
وكان اللافت للانتباه هي الآراء التي رأت أن هدف الهيئة من هذه الأنشطة هو استقطاب النخب الثورية ووضعها تحت جناحها، حسب وصف أصحاب تلك الآراء.
ويقلل كثيرون من أهمية محاولات الهيئة تغيير خطابها للتماشي مع منطلقات الثورة والثوار، لافتين إلى أن غياب صدق النوايا لدى تلك الهيئة نظراً لاستمرار الاعتقالات والكثير من التجاوزات.