ما يزال إعلان قوات سوريا الديمقراطية نيتها محاكمة عناصر تنظيم داعش المحتجزين في سجونها شرقي سوريا، هو الحدث الأبرز إلى جانب كثير من التطورات التي تشهدها المنطقة.
ووسط ذلك، يطفو على السطح الكثير من الأسئلة، أبرزها: أنه في حال بدأت قسد بمحاكمة عناصر داعش، كيف ستكون الآلية؟ وهل ستكون المحاكمات علنية؟ وهل ستطبق حكم الإعدام؟.
بعض المراقبين رأوا أن العديد من الأسئلة لا تزال دون إجابة، ففي وقت يُتوقع فيه أن تبدأ المحاكمات في غضون وقت قصير، فإن المعلومات الأولية تشير إلى أن المحاكمات ستكون علنية في محاكم الشعب التابعة لمجلس العدالة الاجتماعية التابع لقسد.
ومن المفترض أن يتم قبول أقارب ضحايا داعش كمدّعين مشتركين، لكن لا يوجد بيان رسمي حول هذا السؤال أيضًا، كما أنه من غير الواضح ما إذا كان سيتم السماح لمراقبي المحاكمة من الخارج.
ورأى مراقبون أن محاكم قسد ستواجه التحدي المتمثل في دمج قوانينها الخاصة مع القانون الدولي في مكافحة الإرهاب، كما تتم مناقشة مسألة ما إذا كان المتهم سيحظى بدفاع محامي وما الذي يجب أن يحدث للمُدانين بعد أن يكملوا مدة عقوبتهم في السجن.
بعض المصادر اعتبرت أن المحاكمات ستكون مفتوحة للجمهور وسيسمح لوسائل الإعلام بمراقبتها، ولكن لم يتم الإعلان بعد، ولم يتضح بعد ما إذا كان سيتم السماح لمراقبين من خارج المنطقة بمراقبة المحاكمات.
ومع ذلك، تقول مصادر “الإدارة الذاتية” إنهم يريدون أن يظهروا للعالم إحساسهم بالعدالة من خلال هذه المحاكمات، كما سيلعب اتحاد المحامين دورًا مهمًا خلال المحاكمات، حيث سيتم تعيين محامٍ واحد لكل أسرة من ضحايا داعش مجانًا، وسيتمكن عائلات الضحايا غير الموجودين على الأرض من التدخل في الجلسات من خلال محاميهم.
وبحسب مصادر قانونية، فإن عناصر داعش سيحاكمون ويعاقبون على الجرائم التي ارتكبوها، وإذا لم يكن هناك أي اتهام محدد (القتل العمد، والابتزاز، والتعذيب وغير ذلك) ضد أحد أعضاء داعش، فسيتم محاكمة هذا الشخص فقط بسبب “الانتماء إلى منظمة إجرامية”.
أمّا إذا اتهم أحد أعضاء داعش بارتكاب جرائم (القتل، المرافقة للقتل، المساعدة، التعذيب، الخطف، إلخ) ، فسيتم الحكم على هذا الشخص بموجب مادة منفصلة، وستكون العقوبات خاصة بكل حالة.
وتلفت التقارير المتعلقة بهذا الأمر إلى أنه لا توجد عقوبة إعدام في قوانين الإدارة الذاتية، لذا فإن أحكام السجن تتراوح من السجن الخفيف إلى السجن المؤبد.
ومن القضايا الأخرى التي تمت مناقشتها حاليًا هي: ماذا سيحدث لأعضاء داعش الذين انتهت عقوبتهم، إلى أين سيتم إرسالهم، هل ستقبلهم دولهم أم لا؟”.
ووفقًا لخبراء قانونيين، لا يمكن لأي محام أن يدافع عن عناصر داعش، لكن نقابة المحامين ستشرح القوانين وحقوقهم لأعضاء داعش ضمن الإطار القانوني ووفقًا لقرار قضائي.
وحسب التقارير، لم يُعرف بعد ما إذا كان سيتم السماح للمحامين من خارج مناطق الإدارة الذاتية بالدفاع عن عناصر داعش، ولكن وفقًا للمعلومات المتاحة ، إذا أراد المحامي الحضور، فيتعين عليه الحصول على إذن من الإدارة الذاتية والتصرف وفقًا لذلك ولقوانين المنطقة.
وحول ذلك، قال الباحث “رشيد حوراني” لمنصة SY24، إن “هذا الأمر يمكن النظر إليه من عدة زوايا: أولا إعلان داعش عن محاكمة عناصر قسد هو ورقة للضغط على المجتمع الدولي والدول الغربية لزيادة دعمها في إعداد الآليات والتجهيزات والبنية التحتية التي تخص احتضان هؤلاء المعتقلين، والنقطة الأخرى تتمثل في الضغط على الدول التي ينتمي إليها هؤلاء العناصر لإعادتهم إلى دولهم”.
ورأى أن “المحاكمات تحتاج إلى صياغة قانون خاص بهؤلاء المعتقلين، في حين أن الإدارة الذاتية لا تنتمي إلى دولة حتى تمتلك إعداد هذا القانون الذي ينص على محاكمة هؤلاء العناصر”.
وقبل أسبوع تقريبا، أعلنت قوت سوريا الديمقراطية عن نيتها البدء بمحاكمة عناصر تنظيم داعش المحتجزين في سجونها شرقي سوريا، لافتة إلى أن ذلك سيتم بمحاكمات علنية وشفافة.
وأوضحت قسد وعلى لسان “الإدارة الذاتية” التابعة لها وفي بيان، أنها ستبدأ بمحاكمة عناصر تنظيم داعش من الأجانب المحتجزين لديها، وفق القوانين الدولية والمحلية الخاصة بـ “الإرهاب”، وبما يحفظ حقوق المدعين من الضحايا وأفراد أسرهم.
واعتبر مقربون من قسد أن إعلان “الإدارة الذاتية” نيتها محاكمة عناصر داعش هو قرار جريء وخطوةٍ رئيسية لحل ملف مُحتجزي تنظيم داعش وعوائله الموجودين في سجون ومخيماتِ المنطقة، بما ينعكس إيجاباً على المنطقة والعالم، وفق وجهة نظرهم.