أطلقت العديد من المنظمات المحلية بالتعاون مع لجنة التربية في “الإدارة الذاتية”، الجهة المدنية التي تدير مناطق شمال شرق سوريا، العديد من المشاريع والحملات في ريف ديرالزور الشرقي والغربي بغرض الحد من تسرب الأطفال من المدارس، والقضاء على ظاهرة عمالة الأطفال والتقليل من الجهل والأمية المنتشرة في المنطقة بشكل كبير.
وبحسب القائمين على هذه الحملة، فإن ظاهرة التسرب المدرسي باتت من أكثر الظواهر المثيرة للقلق في المنطقة وخاصةً مع انتشار الأمية بين الأطفال واتجاه عدد كبير منهم للبحث عن فرص للعمل في الأسواق المحلية، وخصوصاً الأطفال فاقدي المعيل بهدف تحسين الوضع المادي لعائلاتهم وتوفير المواد الأساسية لهم في ظل غلاء المعيشة في المنطقة والزيادة الكبيرة في أسعار جميع السلع والمواد التجارية والغذائية والخدمات الطبية.
إذ تعاني مناطق ريف ديرالزور الشرقي والغربي والشمالي انتشاراً واضحاً لظاهرة تسرب الأطفال من المدارس واتجاه عدد كبير منهم لسوق العمل نتيجة الأوضاع المعيشية السيئة التي يعاني منها الأهالي، وعدم قدرة بعض العائلات على تحمل تكلفة تدريس أبنائهم وتوفير المستلزمات الدراسية الاقلام والدفاتر واللباس المدرسي وغيرها من المستلزمات الأساسية.
“زياد المحمد”، أستاذ مدرسة في بلدة المحيميدة بريف ديرالزور الغربي، ذكر أن أعداد الطلاب داخل مدرسته بات يتناقص تدريجياً كل عام بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها ذووهم وعدم قدرتهم على تحمل تكلفة تعليم جميع أبنائهم، الأمر الذي يهدد بانتشار واسع وكبير للأمية في أوساطهم، وهو ما يؤثر على مستقبل المنطقة التعليمي والاجتماعي كون الجهل يعد من أسباب انتشار الجريمة”، على حد وصفه.
وقال في حديثه مع مراسل منصة SY24: “أصبحت ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس إحدى أكثر الظواهر المقلقة في المنطقة لأننا أصبحنا نرى الأطفال يهيمون على وجوههم في الشوارع بحثاً عن عمل أو أحياناً فقط من أجل التسلية، الأمر الذي يجعلهم عرضةً للعديد من الممارسات الخطيرة كالتدخين وتعاطي بعض المواد المخدرة المنتشرة وارتكاب جرائم السرقة والعنف وغيرها من الممارسات الخطرة على حياتهم الحالية وفي المستقبل”.
وأضاف “حاولنا قدر الإمكان تعليم هؤلاء الأطفال وذلك عبر تقديم النصح لذويهم وإغرائهم بالعديد من الأشياء مثل المسرحيات والفعاليات الفنية والترفيهية بهدف جذب أكبر عدد منهم الى المدرسة، بالإضافة إلى قيامنا وبمساعدة المنظمات المحلية والدولية بتأمين بعض القرطاسية لهم وتقديمها لهم بالمجان في سبيل مساعدتهم على إكمال تعليمهم”.
وفي السياق ذاته، اتجه عدد كبير من الأهالي غير القادرين على إرسال أبنائهم إلى المدارس لارتفاع تكلفة التعليم فيها، اتجهوا إلى إرسال أطفالهم إلى المساجد وحلقات تعليم القرآن التي يقوم عليها عدد من الأئمة والشيوخ وبعض المتطوعين، وذلك بهدف تعليمهم القراءة والكتاب وتحفيظهم القرآن الكريم بالمجان مع تقديم مساعدات ومكافئات مالية للمتفوقين منهم.
ويعد القطاع التعليمي في مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، من أكثر القطاعات تضرراً بسبب تعرض معظم المدارس في المنطقة للقصف والتدمير على يد قوات النظام والاحتلال الروسي، فيما عمد تنظيم داعش على إيقاف العملية التعليمية في المنطقة خلال فترة سيطرته عليها ومنع الطلاب من الحصول على حقهم في التعليم، وحصر عملية التعلم على القراءة والكتابة مع منع الفتيات والنساء من التعليم بشكل كامل.