يؤكد كثير من المهتمين بقضايا المرأة السورية في الشمال السوري، بأنه لا يحمي المرأة ويحفظ حقوقها في الشمال السوري إلا تفعيل القوانين الخاصة بذلك، إضافة إلى التمكين الاقتصادي.
ويسعى المهتمون بقضايا المرأة إلى تهيئة الظروف من أجل تحسين تعليمهن وظروف حياتهن، ومناصرة السلام واحترام حقوق الإنسان.
فالمرأة السورية دفعت ولا تزال تدفع ثمناً باهظاً في الحرب السورية، إلا أنه بالرغم من الخسارة والمعاناة اختار الكثير منهن أن يعملن لا أن يستسلمن لقدرهن، ومن هنا باتت الأصوات تتعالى من أجل تفعيل القوانين لحمايتهن.
وفي هذا الصدد، قالت حسناء عيسى، وهي ناشطة إعلامية ومدافعة عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة لمنصة SY24، إنه في البداية لا بد أن نتكلم كيف يمكن للقانون أن يحمي المرأة، وهذا يكون عندما يتم تفعيل القوانين الموجودة أساساً والموقعة عليها سوريا دوليا مثل قانون العنف ضد المرأة وقوانين حمايتها، وفي حال تم تفعيلها فهي غير كافية إذ من المفترض أن يكون لدينا تشريعات بقوانين جديدة وأشد حزما، وأن يتم تطبيقها بشكل فعلي وأن تكون سيادة القانون فوق العادات والتقاليد المجتمعية التي هي سبب العنف القانوني على النساء، وعندما تنتهي الواسطات والمحسوبيات والوضع الأمني السيئ أيضاً، حيث يمكن لأي فصيل الضغط على أي محكمة وأخذ حقوق النساء، وللأسف لدينا الكثير من المشكلات، حسب تعبيرها.
وأضافت، لذا يجب أن يكون القانون هو القائم الفعلي على مستوى التنفيذ شمال سوريا، بالإضافة إلى أن هناك قوانين حماية خاصة بالنساء هي غير موجودة ولا تطبق في سوريا، لذا النساء دائما هم الأشد ضعفا لعدم وجود قانون لحمايتهم بشكل خاص ولا تأهيلات مؤسساتية تقدم لهم أي حماية.
وفيما يخص التمكين الاقتصادي أوضحت حسناء قائلة، إن “التمكين الاقتصادي هو سيء على النساء والرجال على حد سواء، ولكن التمكين الاقتصادي يبدأ من فسح المجال لتعليم النساء ضمن قوانين وتسهيلات، إذ يجب الآن تمكين النساء اقتصاديا بعد تأهيلهن وتدريبهن مهنيا وحرفيا، والأهم العمل على التعليم بسوية جيدة جدا، وتقديم التسهيلات والدعم المادي لاستكمال كل النساء للتعليم، فمن خلال التعليم ومن خلال شهاداتهن سيتمكن النساء من التمكين الاقتصادي، وبالتالي التعليم سيحميهن من أمور كثيرة مثل الزواج أو ترك الدراسة لأسباب مالية”.
وعن تقبل المجتمع لمسألة حماية المرأة وتمكينها اقتصاديا، رأت حسناء أن المجتمع أساسا غير متقبل، ولو كان المجتمع متقبل كان من المفترض ألا تصل المرأة للمرحلة القانونية السيئة التي هي فيها، فالمجتمع يضغط على القانون بعاداته وعرفه وتقاليده، والكبت المجتمعي والقمع المجتمعي للنساء بشكل عام، وفق قولها.
ويرى المهتمون بقضايا المرأة السورية بأنه سيكون لها دور كبير تلعبه في مستقبل سوريا، ومن المهم من أجل تمكينهن سياسياً واقتصادياً، تقديم التدريب المهني في عدة مجالات مثل الإسعاف الأولي وبناء القدرات لتعزيز دور المرأة الأمني، وتسوية النزاعات والحوكمة بالإضافة إلى مجالات أُخرى.
وفي هذا الصدد، قال المهتم بالشأن الإغاثي والطبي مأمون سيد عيسى لمنصة SY24، “لقد لاحظنا بما يتعلق بموضوع حماية المرأة أن مبالغ كبيرة تنفقها المنظمات العاملة في شمال سوريا على قطاع الحماية، لكنها لم تشكل فارقا مهما في موضوع حماية المرأة، وأحد أسباب ذلك عدم وجود التنسيق بين المنظمات العاملة بالحماية والجهات القضائية في شمال سوريا، إضافة الى غياب المنظومة القانونية التي تدعم النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي في المنطقة.
وتابع موضحا، أيضا إذا استعرضنا دخول السوريين في الشمال السوري ومقارنتها مع معدل الفقر المدقع في العالم الذي حدده البنك الدولي وهو 1.2 دولار للفرد الواحد في اليوم، نجد للأسف أن أغلب الأسر في الشمال هي دون مستوى حد الفقر المدقع الذي حدده البنك الدولي، مع غياب لمنظومات تعزيز الحماية الاجتماعية ودعم الفئات الهشة، ومنها المرأة التي تحمل العبء الأكبر عندما تكون الأسرة فقيرة حيث تضطر للعمل لدعم الأسرة اقتصاديا، إضافة إلى أعباء العمل في منزلها أو خيمتها.
ورأى أن الحل يكون في تعزيز القضاء الحالي والعمل على بناء حكومة قوية مركزية قادرة على الإمساك بملفات التنمية، وقادرة على إدارة وتنسيق الملف الاقتصادي، وقادرة على تشييد الركائز المطلوبة للنمو الاقتصادي، وهذا ما سوف يحقق التمكين الاقتصادي للسوريين عموما وللمرأة خصوصا في الشمال السوري، وفق وجهة نظره.
يشار إلى أن الحياة اليومية بالنسبة للنساء والرجال والأطفال السوريين على حد سواء، أصبحت أكثر صعوبة وخطورة من أي وقت مضى.
وحسب تقرير “للجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا”، مطلع شهر آذار/مارس 2022، ذكر أن حوالي 12 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي ويحتاج عدد غير مسبوق من السكان.