موجة حر شديد تضرب مناطق شمال غربي سوريا خلال الأسبوع الجاري، لتصل درجات الحرارة إلى أعلى معدلاتها، حسب الأرصاد الجوية، ما يزيد من معاناة الأهالي ولاسيما قاطني المخيمات.
إذ تتحول الخيام القماشية والغرف الأسمنتية المسقوفة بعازل من ألواح التوتياء في فصل الصيف إلى غرف ملتهبة من شدة الحرارة، كما وصفها أحد الأهالي الذين تحدثنا إليهم، وتبوء جميع الوسائل والطرق التي يلجأ إليها السكان للتخفيف من درجات الحرارة بالفشل، ولاسيما في ساعات الذروة من النهار.
يحاول “أبو سعيد” وهو رجل خمسيني مهجر من ريف حلب يقيم في مخيمات دير حسان، أن يخفف من الحرارة داخل خيمته، فيبلل جدرانها بالمياه، ويشعل المروحة لكن دون فائدة، يقول إن “هواء المروحة ساخن وكأنها تنفث النيران داخل الخيمة، حتى المياه داخل الخزانات تكاد تغلي، ونحنا ننتظر انتهاء ساعات النهار بفارغ الصبر، أحياناً نذهب إلى الأراضي المجاورة ونجلس تحت أشجار الزيتون، وأحيانا نبلل أجسادنا بالمياه”.
كذلك تفتقر المخيمات إلى أغلب مقومات الحياة ولاسيما الكهرباء وتعتمد على ألواح الطاقة الشمسية لاستجرار الطاقة وإشعال الأدوات الكهربائية، ومع ذلك فإن فعاليتها تخف مع ارتفاع درجات الحرارة وتصبح قدرتها على توليد الطاقة ضعيفة، فيما يعتمد بعض الأهالي للحصول على مياه الشرب الباردة، على شراء ألواح الثلج المصنعة.
يتشابه الوضع في معظم المخيمات سواء الكتل الأسمنتية المسقوفة بالعوازل والأقمشة، أو الخيام القماشية، والتي لا تقِ حر الصيف ولا برد الشتاء، وهم على هذه الحال منذ عدة سنوات، كما ساهم قرب الخيام من بعضها البعض بمنع وجود متنفس بينها أو السماح للتيارات الهوائية بالمرور بينها، كذلك لا يوجد مياه كافية أو باردة تخفف حدة الطقس، في ظل الارتفاع الكبير الذي تشهده هذه الأيام الصيفية من شهر تموز الحالي.
وتتضاعف المعاناة لدى الأمهات والأطفال، خاصة أن السنوات الماضية سجلت عدة حالات وفاة لأطفال بسبب الحرارة، تقول إحدى الأمهات لمراسلتنا في كفر لوسين شمال إدلب إنها تخشى على أطفالها من تعرضهم لضربة الشمس، وتبلل رأسهم بالمياه كل ساعة، وتمنعهم من مغادرة الخيمة واللعب تحت أشعة الشمس وفي الطرقات، كما أنها تقوم بسكب المياه في أرضية الخيمة وتجعلهم يلعبون داخلها حتى انقضاء ساعات الذروة، وبعد العصر يذهب الأطفال إلى اللعب تحت الأشجار”.
لايختلف الحال كثيراً عند “أم جمال” مهجرة من الغوطة الشرقية، مقيمة في مخيمات تل الكرامة شمال إدلب، إذ تخبرنا في حديثها إلينا، أن معاناة النازحين لا تنتهِ صيفاً ولاشتاءً، وغالبية الأهالي يعيشون ظروفاً مناخية سيئة في جميع الفصول، دون القدرة على إيجاد حلول مجدية للتخلص من وضعهم غير الطبيعي في المخيمات، تقول لنا إن “ألواح الصاج تمتص الحرارة داخل الخيمة، إذ وتحولها إلى فرن صغير لا يحتمل السكن فيه حاله كحال مئات العائلات النازحة في الشمال السوري” .
وفي ذات السياق قدم فريق الدفاع المدني عدة نصائح للأهالي، والطلاب خلال فترة الامتحانات مع دخول موجة الحر إلى المناطق السورية، وارتفاع ها خلال الأيام القادمة، إذ أكد على ضرورة شرب كميات وافرة من المياه والسوائل ولاسيما للأطفال لتجنب الجفاف، وعدم التعرض لأشعة الشمس بشكل مباشر و لأوقات طويلة، خاصة في أوقات الذروة، لتجنب ضربة الشمس.
وأهاب بضرورة تجنب إشعال نيران بالقرب من المخيمات والمنازل أو حرق الأعشاب الجافة أو إشعال نيران بالقرب من الأشجار المثمرة والمناطق الحراجية لخطورة ذلك، فضلاً عن مراقبة منظومة شحن الطاقة الشمسية و تفقد البطاريات والتأكد من سلامة الأسلاك وتوصيلات الكهرباء، ودارات الفصل بشكل دوري.