يشهد القطاع التعليمي في مدينة الرقة انتكاسات متكررة خلال السنوات الماضية، ويعود ذلك إلى تسرب عدد كبير من الطلاب من المدارس وامتناعهم عن إكمال دراستهم لأسباب عديدة كانت لفتيات المنطقة الحصة الأكبر منها.
حيث توقفت نسبة كبيرة من الفتيات عن الذهاب إلى المدارس والجامعات بشكل مفاجئ خلال العامين الماضيين، وذلك بسبب ظروف الحياة الصعبة وعدم قدرة أهالي الطالبات على تغطية تكاليف الدراسة، ناهيك عن رغبة العديد من تلك الفتيات بإيقاف دراستهن وتفكيرهن في المستقبل بطريقة تناسب العادات والتقاليد في المنطقة.
مراسل منصة SY24 نقل عن مصادر داخل هيئة التعليم التابعة لمجلس الرقة المدني، قولها: إن “عددا كبيرا من الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين الـ 16 والـ 22 عام تركن دراستهن بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، الأمر الذي خلف فراغا كبيرا داخل المعاهد والجامعات المحلية، وخاصةً فيما يتعلق ببعض الاختصاصات التي تتطلب عنصرا نسائيا مثل الممرضات والقابلات القانونيات وغيرها من المهن النسوية”.
وأكد المراسل أن أسباب تسرب الفتيات تعود أولاً إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المنطقة واضطرار الآباء إلى سحب أطفالهم من المدرسة وإلحاق الشباب في سوق العمل وتزويج الفتيات، ناهيك عن اتجاه بعض هؤلاء الفتيات للعمل في مهن خاصة بهن مثل التطريز والخياطة وغيرها من الأعمال التي تدر الأموال على عائلاتهن.
“جود”، 18 عام من سكان حي الرميلة في مدينة الرقة، قالت إنها تفضل البقاء في المنزل و ممارسة الأعمال المنزلية مثل التنظيف والطبخ على إكمال الدراسة، مبينةً أن “الهدف من التعليم هو تعلم القراءة والكتابة وبعض أساسيات الحساب فيما تبقى العلوم الأخرى لا معنى لها، ما دفعني لترك المدرسة والجلوس في منزل عائلتي”، على حد وصفها.
وقالت في حديثها مع مراسل SY24 في الرقة، إن “عدد كبير من الفتيات اللاتي كن معي في المدرسة فضلن التوقف عن الدراسة بشكل كامل والجلوس في المنزل لأسباب عديدة ربما كان الوضع المعيشي الخاص بهن هو السبب الرئيسي، ناهيك عن وجود بعض العادات والتقاليد التي تحد من قدرة الفتاة على إكمال دراستها في المعاهد والجامعات المختلطة، وبالذات إن كانت بعيدة عن مكان إقامتها”.
وأضافت أن “بعض الفتيات يفضلن الزواج في سن مبكرة على إكمال الدراسة بالرغم من عدم ممانعة ذويهن من متابعة تعليمهن، حيث يعتقدن أن مكان الفتاة هو منزل زوجها وغيرها من المفاهيم المنتشرة في المنطقة، ولهذا أنا بنفسي فضلت التوقف عن الدراسة لأني لست بحاجة لها في المستقبل وانتظر موعد زفافي الذي اقترب”.
ويذكر أن قطاع التعليم في مدينة الرقة يشهد تدهورا كبيرا في السنوات الأخيرة، بسبب الأوضاع المعيشية المتردية التي يعاني منها أغلب سكان المدينة وعدم قدرتهم على تغطية تكاليف دراسة أبنائهم وبناتهم في المدارس المحلية والخاصة، بالإضافة إلى عدم قيام مؤسسات “الإدارة الذاتية” بإعادة تأهيل كافة المدارس والفعاليات التعليمية في المدينة بشكل جيد، واضطرار العديد من الطلاب للسير مسافات طويلة للذهاب إلى المدرسة، الأمر الذي شكل ضغوطا كبيرة على ذويهم ما دفعهم في الكثير من الأحيان إلى ترك التعليم.