أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان “القانون رقم 20 لعام 2022 الذي أصدره النظام السوري كرس قمع حرية الرأي والتعبير وتسبب في عشرات حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب”، وأشارت في إلى تسجيل قرابة 146 حالة اعتقال تعسفي وحالة قتل بسبب التعذيب على خلفية القانون 20 منذ صدوره حتى الآن.
أكدت الشبكة السورية في تقريرها أن النظام السوري لا يوجد لديه سوى سلطة واحدة هي السلطة التنفيذية، وتتجسد هذه السلطة في الأجهزة الأمنية، فلا وجود فعلي لسلطة قضائية، ولا سلطة تشريعية، وبناءً على ذلك استطاع تشريع ما يريد من قوانين، ومن ضمن هذه القوانين هو القانون رقم 20 لعام 2022 الذي صدر في 18/ نيسان/ 2022.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “لقد وضع النظام السوري العديد من القوانين بما يتناسب مع قمع أي حراك أو نقد له، وقد وضحنا هذه السياسة بشكل تفصيلي في تقرير القوانين التي وضعها بهدف نهب الملكية، ولاحظنا أن القانون رقم 20 الذي هدف إلى مزيد من قمع حرية الرأي والتعبير، قد صدر بالتزامن مع ارتفاع حالة النقد الشعبي لعمل المؤسسات الحكومية، وتنامي الغضب من تدني أو انعدام الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، ونعتقد أن السبب الرئيسي أن بعض هذا النقد قد طال بشار الأسد نفسه، ولم يتوقف عند حكومته الشكلية”.
وأضاف التقرير أن أبرز ما ورد في القانون هو تجريمه وشموله لأفعال تحدُّ وتضيق من حرية الرأي والتعبير لكونها من الجرائم المنصوصة بشكل فضفاض وغير محددة بمعايير أو تعاريف دقيقة أو أركان واضحة للجريمة مادياً.
ذكر التقرير أن القانون انتهك حق الوصول للإنترنت والشبكة العنكبوتية المفتوحة وللمعلومات، فقد سعى القانون إلى تقييد الدخول وحجب وحظر كافة المواقع الإلكترونية المغايرة لتوجه النظام السوري وغير داعمة له وإحكام سيطرته على ما يسمح للمدنيين من الوصول له وتداوله وهي ليست بسياسة جديدة وإنما عبر القانون الجديد فهو يسعى لتحديثها وتشريعها بما يتناسب مع التطور التكنولوجي.
رصد التقرير عدم اتباع قوات النظام السوري للأحكام القانونية المتعلقة بالجرائم المعلوماتية. وذكر ثلاثة أنماط لإجراءاتها: الأول تشمل الإبلاغ إلى النيابة العامة والتحقيق بعد تقديم شكوى، الثاني يشمل مراقبة ومتابعة نشاطات مواقع التواصل الاجتماعي وتقديم التقارير للقضاء، والثالث يتضمن استدعاء المدنيين والإعلاميين والتحقيق معهم في مناطق السيطرة الحكومية، ويمكن أن يؤدي إلى التعذيب أو الاحتجاز أو التهديد، وقد يحالون إلى محاكم الإرهاب.
وثق التقرير اعتقال قوات النظام السوري ما لا يقل عن 146 شخصاً، بينهم 19 سيدة، على خلفية قانون الجرائم المعلوماتية، وذلك منذ دخول القانون حيز التنفيذ في 18/ أيار/ 2022 وحتى 18/ آب/ 2023، أفرج عن 59 وتوفي 1 بسبب التعذيب ولا يزال 86 قيد الاعتقال والاحتجاز في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري.
وقال التقرير إن عام 2023 شهد أعلى نسبة اعتقالات على خلفية قانون الجرائم المعلوماتية ما يكشف أن قوات النظام السوري تلاحق المدنيين على نحو أوسع منذ دخول القانون حيز التنفيذ وحتى الآن. وأضاف أن أعلى حصيلة لعمليات الاحتجاز على خلفية قانون الجرائم المعلوماتية استهدفت المدنيين من محامين ومهندسين وطلاب جامعيين ثم الموظفين الحكوميين والإعلاميين وناشري المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي مما يؤكد أن قانون الجرائم المعلوماتية أوجده النظام السوري ليستهدف جميع الشرائح وخاصة تلك التي لا تتمتع بنفوذ لديه كالمدنيين العاديين.
واستنتج التقرير أن القانون رقم 20 لعام 2022 ينتهك العديد من القواعد الآمرة، ويبرر قمع حرية الرأي والتعبير، وارتكاب النظام السوري العشرات من حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب استناداً إليه، وباعتباره قانون ينتهك حقوق الإنسان يعتبر غير شرعياً. كما يشكل فرصة جديدة للأجهزة الأمنية للابتزاز وكسب مزيد من الأموال على حساب المواطنين، عبر كتابة الضبوط الأمنية الكيدية لتخويفهم وملاحقتهم بموجبها.
أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بإيجاد طرق وآليات لتطبيق قرارات مجلس الأمن 2041 و2042 و2139 والبند 12 في القرار 2254 الخاصة بالمعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا، واللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية المعتقلين من الموت داخل مراكز الاحتجاز. كما أوصى لجنة التحقيق الدولية بتسليط الضوء على عدم مشروعية القانون رقم 20، وتوثيق حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب، وقمع حرية الرأي والتعبير التي استندت عليه.
وأخيراً أوصى التقرير النظام السوري وحلفائه بإلغاء المحاكم الاستثنائية وكافة القرارات والأحكام الصادرة عنها، وإلغاء المرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2012 الذي يسمح للأجهزة الأمنية باعتقال المواطنين والتحقيق معهم أكثر من شهرين، وإلغاء قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012.