شهدت أفران مدينة ديرالزور ازدحاماً شديداً نتيجة زيادة إقبال المواطنين على شراء مادة الخبز بالرغم من تراجع جودة الإنتاج في معظم أفران المدينة، وسط اتهامات لأصحابها بالتلاعب بمعايير الإنتاج وخلط القمح الصافي بمواد أخرى مثل دقيق الذرة الأصفر أو الشعير لزيادة الأرباح، وبيع الفائض من الدقيق الأبيض للأفران الخاصة والمطاعم و أيضاً تهريبه إلى خارج المدينة.
شكاوى المواطنين حول رداءة جودة الخبز تضاعفت خلال الأسابيع القليلة الماضية، مع انتشار مقاطع فيديو وصور على وسائل التواصل الاجتماعي وتظهر تدني مستوى الإنتاج بشكل كبير وعثور المواطنين على قطع معدنية وزجاجية وكميات من الحصى والأتربة داخل أرغفة الخبز، وبالذات في الفرن الآلي الحكومي الذي تم افتتاحه في حي العمال شرق المدينة مطلع العام الجاري.
مراسلة منصة SY24 في ديرالزور أشارت إلى وجود حالة من”اللامبالاة” لدى مؤسسات النظام التموينية بما يخص جودة الخبز المنتج سواءً في الأفران الحكومية أو في الأفران الخاصة، مع رفض تلك المؤسسات التحقيق بمزاعم حول تورط أصحاب تلك الأفران بعمليات “غش متعمدة” عبر خلط الدقيق الأبيض بمكونات أخرى لزيادة الإنتاج، وهو ما سبب رداءة جودة مادة الخبز.
المراسلة كشفت، نقلاً عن عدة مصادر محلية متقاطعة، عن وجود”علاقة وثيقة” تربط أصحاب الأفران الخاصة مع ضباط في فرع أمن الدولة، وقيام الأخير بتغطية السرقات التي تحدث لمادة الدقيق الأبيض وإدارة عمليات تهريبه إلى مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” على الضفة المقابلة لنهر الفرات بالتعاون مع حواجز ميليشيا الفرقة الرابعة، وذلك بهدف تحقيق أرباح إضافية جديدة تضاف إلى الأرباح المتعلقة ببيع الطحين في الداخل.
“أبو أحمد”، من سكان حي الجورة غربي المدينة، ذكر أن “الخبز القادم من الأفران الخاصة والعامة بات لا يؤكل بسبب تواجد كميات كبيرة من الحصى والرمل داخله، بالإضافة إلى انخفاض جودة الرغيف وتفتته حال خروجه من الفرن، ناهيك عن عدم قيام النظام بزيادة حصص العائلة الواحدة من الخبز والتي تقدر بخمس ربطات في الأسبوع الواحد”، على حد قوله.
وفي حديثه مع منصة SY24 قال: إن “جودة الخبز في الأفران المحلية دفعت بعض المواطنين إلى الاستغناء عنه واستبداله بالخبز السياحي مرتفع الجودة والسعر أيضاً، والذي يصل ثمن الربطة الواحدة منه إلى قرابة خمسة آلاف ليرة سورية وهو مبلغ ضخم جدا مقارنة بالدخل اليومي للفرد، فيما بلغ سعر رغيف التنور الواحد قرابة 900 ليرة، وهي مبالغ ضخمة جداً لا تناسب أصحاب الدخل المحدود”.
وأضاف أن “ربطة الخبز يجب أن تؤكل في اليوم ذاته وإلا فإنها ستتحول إلى فتات في غضون ساعات قليلة بسبب سوء الإنتاج وسرقة المكونات، ولهذا فإننا توجهنا إلى استعمال الخبز في نوع معين من الطعام ومحاولة التقليل منه والاعتماد على أطعمة بديلة مثل المعكرونة والأرز والبرغل وغيرها من المواد التي لا تحتاج إلى تناول الخبز بجانبها”.
وفي سياق متصل، اتهم أهالي مدينة ديرالزور النظام بالاستيلاء على فرن “الجاز”، أحد أفضل الأفران في المدينة، وتخصيص إنتاجه لصالح قواته والأجهزة الأمنية وأيضاً لصالح الميليشيات الإيرانية التي طالبت عماله في أكثر من مناسبة بضرورة تحسين جودة الخبز، مقابل قيامها بتوفير الدقيق الأبيض ذي النوعية الممتازة والمحروقات النظيفة إيرانية المنشأ وغيرها من المكونات الأساسية التي تضمن خروج نوعية ممتازة من الخبز، مع التشديد على “عدم بيع هذه المادة الأساسية إلى المواطنين المدنيين”.
والجدير بالذكر أن مؤسسات النظام في مدينة ديرالزور تعاني من تفشي ظاهرة الفساد والمحسوبية بين موظفيها ما أثر بشكل مباشر على جميع القطاعات الخدمية فيها، وخاصة فيما يتعلق بتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين وبأسعار جيدة، في ظل انخفاض القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع الأسعار الجنوني التي تشهدها معظم السلع الأساسية والتي تزامنت مع الهبوط الحاد في قيمة الليرة السورية.