وجدت الشابة العشرينية “بتول طه” في مجال الأعمال اليدوية مكاناً مميزاً لها، بعيداً عن الفنون التقليدية المعروفة، فأبدعت في صناعة قطع الزينة النسائية التي تعرف شعبياً باسم “الإكسسوارات” من حبات اللؤلؤ الصناعي، والكريستال والخرز، إضافة إلى أسلاك رقيقة تطوعها بيديها، لصنع قطع زينة متقنة وبحرفية عالية.
“بتول” طالبة جامعية، وأم لثلاثة أطفال، تهجرت مع عائلتها من “دمشق” قبل عدة سنوات، وعاشت فترة زمنية في تركيا ثم انتقلت إلى مدينة إدلب واستقرت بها، تقول في حديثها إلينا: إنها بدأت بمشروع صنع الإكسسوارات كهواية بداية الأمر، ولاقت نجاحاً كبيراً أثناء إقامتها في تركيا بسبب توفر جميع المواد الأولية للصنع، إضافة إلى سهولة تسويق المنتجات إلا أنها عانت بعض الصعوبات في مدينة إدلب، رغم احترافها العمل، وإنتاج قطع مميزة عن القطع الجاهزة الموجودة في السوق.
تصنع “بتول” تاجات للنساء مخصصة للمناسبات والأفراح، من قطع الكريستال واللؤلؤ، وحقائب يد صغيرة من ذات المواد فضلاً عن إدخال الخرز والأسلاك في بعض القطع أيضاُ، إضافة إلى صنع “بكلات” توضع على الشعر على هيئة عروق، وقطع زينة كالأساور والأطواق والسلاسل، تخبرنا أن القطعة تستغرق أكثر من تسع ساعات من العمل المتواصل كي تصبح جاهزة، أو عدة أيام إذا كان هناك ضغطاً في العمل، ومعظم القطع تكون بناء على طلب الزبونات.
عن الأسعار تحدثنا الشابة أنها تضع نسبة ربح مقبولة بالنسبة للتكاليف والجهد المبذول، إلا أن الأسعار بشكل عام مرتفعة قليلاً بسبب تكاليف شحن المواد من تركيا، إذ يتعذر وجودها في مدينة إدلب، وهذا ما يجعل التسويق صعباً نوعاً ما في المنطقة بسبب الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة لغالبية الأهالي.
كما أن الهواية التي برعت بها بتول قد تحولت إلى مهنة ومصدر دخل، لمساعدة عائلتها في مصاريف المنزل، ودفع أقساط رسومها الجامعية، غير أنها تحتاج رأساً من المال في حال أرادت إنتاج كثير من القطع ثم عرضها للبيع وهذا ما كان خارج قدرتها، وجعلها تعتمد على التواصي في العمل من قبل معارفها وأصدقائها ضمن دائرة محيطها الاجتماعي أكثر من الإنتاج الكثير.
كما اعتمدت في التسويق لمنتجاتها على صفحة خاصة بالعمل على منصة “الفيسبوك” تعرض فيها القطع وإمكانية التواصل معها من قبل الراغبين، إلا أنها ماتزال في بداية الطريق كما أخبرتنا.
تلك الصعوبات المادية والتسويقية لم تقف عائقاً أمام طموح الشابة، بل جعلتها تبحث عن طرق أخرى لتوسيع عملها فضلاً عن التوفيق بين واجباتها كأم وربة منزل، وبين التزامها في الجامعة والعمل في مشروعها الخاص، تقول إن “شغفها بالعمل والنجاح لا يعرف حاجزاً بل تمكنت من اجتياز جميع العقبات والتغلب عليها”.
ماتزال “بتول” في بداية مشروعها الخاص، الذي ترى له مستقبلاً مميزاً في المنطقة، ولكنه يحتاج إلى كثير من الصبر والعمل والإنتاج، كي تتمكن في النهاية من افتتاح محل صغير يحوي العديد من القطع الفنية المشغولة بحرفية وإتقان، لتكون واحدة من الشابات السوريات اللواتي أبدعن في مجالات عديدة إلى جانب الدراسة والمنزل والمسؤوليات الأخرى.
